Saturday, June 27, 2009

رحلة ليلية قبل منتصف الليل





من
يطرق أبواب السماء*
  *



 



مجموعة قصص قصيرة



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



هاشم إبراهيم فلالى



 



 



 



 



 



 



الطبعة الثانية



2005G -  1426H



من يطرق أبواب السماء*  *



 



مجموعة قصص قصيرة



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



هاشم إبراهيم فلالى



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



الطبعة الأولى



 



2004 - 1425



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



الطبعة الأولى



2004 - 1425



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



حقوق الطبع محفوظة
للمؤلف
   2004      
1425
    © 



 



 



 



 



رحلة
ليلية قبل منتصف الليل



 



 



 







رحلة ليلية قبل منتصف الليل



 بعد أن رنّ الجرس الموسيقى والمنبه (المتعارف
عليه فى مثل تلك الجهات من مطارات ومحطات قطارات وموانئ) إلى لفت الإنتباة
للأستماع إ لى الأعلان الصوتى المنطلق من الأذاعة الداخلية لهذا المطار، بصوت
يسمعه الجميع، بصورة واضحة، وكان الصوت الرجالى يتردد فى جميع الأنحاء كالأتى
“النداء النهائى والأخير للرحلة رقم ..... (الخاص بشركة الطيران) والمتجهة إلى
مدينة ....، الرجاء من السادة المسافرين على هذه الرحلة التوجة إلى بوابة الخروج
رقم...."، فهو جالس على كراسى الانتظار فى صالة المطار،والممتلئة بالعديد من
الناس الذين أيضاً ينتظرون أيضاً رحلاتهم المسافرة إلى الجهة التى يقصدونها، والجو
الحار والملئ بالرطوبة،
  بعد أن راجع
الموظف المختص بمكتب هذه الشركة، للانتهاء من إجراءات سفره، والذهاب إلى الصالة
الداخلية حيث الصعود إلى الطائرة. فقد طلبوا منه بأن ينتظر بعض الوقت، حوالى
الساعة، وبالطبع فأنه لا يستطيع أن يخرج من صالة المطار، ويجب أن يكون على قرب
لمتابعة أية مستجدات قد تحدث فى هذا الشأن والوضع. فأنه يرتدى بذلة تدل على أنه فى
مهمة رسمية، وأنه يتصرف بحرص وحذر، وتحركاته تكاد تكون محسوبة، ويحمل حقيبته
السمسونايت فى يده، ولا يتركها، مما يدل على أنها فيها أوراقه المهمة، ونقوده
والتى قد لا يستطيع ان يتحرك بدونها. ولذلك فأنه دائماً ممسكاً بها، ولا يتركها
لحظه، وعينه عليها دائماً، و بعد كل فترة فإن الإعلان عن مثل هذه الرحلات يدوى فى
كل جوانب الصالة، لينبه المسافرين إلى الجهة المقصودة، ومواعيد الرحلات التى جاء
وقتها، ولابد من تواجد كل المسافرين عليها فى المكان المخصص لها. إنه ليس قلق على
عدم السفر، حيث أن الإمكانية كبيرة فى مثل هذا الوقت من السنة بالنسبة لمغادرة
البلاد، ولكنه الروتين والإجراءات التى يجب أن تتم فى هذا الشأن وهذا الخصوص. ولكن
هناك أشياء أخرى تقلقه وتشغل باله. أنه معتاد على السفر فهذه ليست المرة الأولى
التى يسافر فيها، ولكن الظروف مختلفة، وتختلف فى كل مرة عن المرة التى سبقتها، من
حيث الأمور التى لابد له من أن يتعامل معها بلباقة وكياسة، فأنه حِمل يجب عليه أن
يقوم بمتطلباته وما يجب تجاهه، وكل ما يلزم لذلك. أنها الحياة التى تبدو مثل
الدوامه التى وقع فيها، والتى لا يستطيع الخروج منها. إن الأفكار تتزاحم فى ذهنه،
ومع أن الجو حار حيث أنه الآن فى أشد أيام الصيف (منتصف شهر أغسطس)، وأن جسده
متصبب بالعرق وملابسه مبتله بالعرق. وبعد أن انتهى الوقت والمدة التى طلب منه
الموظف أن يتنظرها ثم يعود إليه ويراجعه بخصوص إكمال إجراءات سفره المطلوبة وكما
يجب وينبغى، فأنه قد ذهب إلى الكاونتر الخاص بذلك مرة أخرى، وتحدث إلى الموظف،
والذى كان يبدو عليه بعض التعب من الإرهاق من العمل فى مثل هذا الجو الحار،
 فقد أخذ منه التذكرة وجواز السفر وأنهى له
الإجراءات المطلوبة، وتمنى له رحلة سعيدة، فقد أخذ الأوراق الخاصة بالسفر، (البورد
كارت)، وتوجه إلى الصالة الخاصة بذلك، حيث أنه لم يعد هناك وقت كافى للشراء من
المعارض المنتشرة فى أنحاء المطار، أو أن يتجول بين الأسواق الحرة للشراء إذا كان
هناك شيئاً يستحق الشراء.
  وعليه فأنه أنهى
إجراءات الجوازات، وتوجه إلى بوابة الصعود إلى الطائرة، حيث أنه أثناء ذهابه يستمع
إلى النداء من إذاعة المطار تعلن عن رحلته التى على وشك الأقلاع فى طريقها إلى
الجهة المقصودة. أنه يسرع الخطى فى مشيته للحاق بالرحلة قبل أغلاقها، وهو يقارن
بين الدول المتقدمة، وبين ما يحدث هنا، وخاصة فى الوقت الحاضر، من حيث أنه لا يوجد
مثل هذه التعقيدات فى الأنتهاء من مثل تلك الإجراءات، ودائماً هناك الاستعدادات
بوقت كافى، ولا داعى لمثل هذا التسرع والعجلة، فى اللحاق برحلته، فليس هناك
أنتظار، وأنما المعاملة تكون ممتازة، والإجراءات سهلة وميسرة. أنها الظروف التى
تضطره إلى السفر، وهناك الكثير من الأشياء التى يجب أن ينتهى منها فى سفريته هذه،
وبعد عودته من السفر كذلك، والقيام بالوفاء بالأعباء والالتزامات المالية، والتى
أصبحت عصب الحياة فى يومنا هذا. أنه مديون، ويعلم جيداً، بأن الديون سوف تتزايد فى
كل رحلة سفر يقوم بها. ولكن لا يستطيع الامتناع عن ذلك. أنها الحياة بمتاعبها
وهمومها ومشاكلها، أنه كلما تخلص من مشكلة وسداد دين، يجد نفسه قد وقع فى دين آخر،
أى أنه يخرج من حفره ليقع فى تحداره، فكيف الخلاص من مثل هذا المآزق، فأنه يبدو
بأنه ليس هناك نهاية لذلك. أنه لا يستطيع أن يتخلى عن مثل تلك الالتزامات المالية،
وكذلك هناك الكثير من المتطلبات والآمال والأحلام التى يريد أن يحققها من خلال
الادخار، ولكنه لا يستطيع الادخار، ولكنه دائماً يقع فى الديون، والتى أرهقته
كثيراً، وشغلت باله وتفكيره. فإن الضغوط تأتيه من جميع الجهات من العمل من البيت
من المدرسة من كل جهة ومن كل ما يحيط به ويحتك به فى حياته. أنه يريد الخلاص ولكنه
لا يستطيع ذلك، والكل يواسونه بالصبر، فإنه صابر، وليس هناك شئ يستطيعه غير الصبر،
والذى أشتد ولم يعد يستطيع أن يتحمله، وبدأ الإرهاق يظهر عليه، والهموم تؤثر على
تصرفاته ومعاملاته. ولكنها الحياة، والتى ليس فيها الراحة. أستقل الطائرة، وهو قلق
من كل تلك الأفكار التى تساوره، ولا يدرى كيف يمكن أن يتخلص منها، جلس فى مقعده
بدرجة رجال الأعمال، وأقلعت الطائرة، وجاءته المضيفة تسأله عن ما يريد أن يتناوله
من وجبة الطعام (حيث الخيارات متعددة لأكثر من صنف من الطعام) فى الطائرة أثناء
تحليق الطائرة بالجو، بأتجاة المدينة المسافر إليها. هبطت الطائرة فى المدينة
المقصودة التى وصل إليها فى الموعد المحدد، حيث أن شركة الطيران هذه منضبطة فى
مواعيدها بدون تأخير أو تعطيل، وبالطبع فإن الوقت متأخر من الليل، وصالة الجوازات
بالمطار ليست مزدحمة بالمسافرين كما يحدث فى الكثير من الأحيان فى مطار تلك
الدولة، وإن المسافرين الذى وصلوا لم يكونوا بمثل تلك الأعداد الغفيرة، كما يحدث
فى الكثير من الأحيان وخاصة فى المواسم الخاصة ببداية الإجازات، والأعياد. أنه
ينظر حوله بفكره الشارد، فهناك الجنسيات المختلفة، من الرحلات التى وصلت من دول
أوربا، والكل يعيش فى جوه الخاص به، ولديه من العادات والتقاليد المختلفة والتى
يمارسها الأفراد والجماعات بصورة تلقائية، والتى قد تلفت الأنظار فى بعض الأحيان
من الوهلة الأولى، ثم بعد ذلك يتم التأقلم معها، واعتيادها.
(تمت)







صرافة وبشر







صرافة وبشر

إنه من تلك المواقع ا لعديدة المنتشرة فى هذا
المكان من وسط المدينة

والذى يمتلئ بالأضواء والضوضاء التى تملاء هذا
المكان الصغير الذى لا يسع أكثر من

ثلاثين شخص من العملاء وبالعاملين فيه. إنه هذا
الإزدحام من كل الأجناس، أنهم

يحضرون إلى هذا المكان من أجل القيام بالمعاملات
المالية المختلفة والمتنوعة، والتى

سوف إما أن يرسل هذا الشخص الذى حضر الذى حضر إلى
هذا المكان، من المال إلى أقربائه

ومعارفه فى الداخل أو الخارج حيث دنيا الله
الواسعة، والتى قد تشمل كل بقاع الأرض

وكل أنحاء العالم من مدن معروفة ومشهورة عربية
وأسيوية وأفريقية وأوربية، أو قرى

بعيدة ومغمورة ونائية. فالكل يعمل ثم يدخر جزء من
المال من أجل تحويله إلى أهله

وأقربائه لأية غرض من الأغراض المتعددة
والمتنوعة، التى تشمل كل ما سوف يكون لديه
من مسئوليات وإلتزامات أو طموحات من تحقيق
بعضاً من تلك المشروعات التى قد يكون قد
خطط لها مسبقاً ويعمل من أجل تحقيقها. حتى
العاملين من جنسيات مختلفة، وأن الكل إما
ينادى بصوت مرتفع، أو يتحدث مع من هو
أمامه من بشر، وكلاً له طلباته والموظف يؤدى
عمله ويقوم إما بالإجابة عن تلك
الاستفسارات أو بأن يقوم بإجراء المطلوب وإكمال
المعاملة المالية المطلوبة، وكل ما يتطلبه
الأمر من حسابات من جمع وطرح وقسمة وضرب،
وما سوف يتم تحويله إلى تلك العملة
الأجنبية الخاصة بتلك البلد، أو بالعملة الصعبة
المقبولة فى كل مكان من العالم. إنه قد
حدث الكثير من تلك الإختلافات بين الماضى
والحاضر، فى تطوير المكان من ديكور
وإستخدام للأجهزة الحديثة والمتطورة فى القيام
بكل ما هو مطلوب من تلك الأعمال المختلفة
التى تؤدى المطلوب بالشكل المناسب

والملائم بحيث يتناسب ويتماشى مع الحاضر الذى
نعيشه والقيام بالدقة والسرعة فى

إنجاز المعاملات المالية والتى هى عصب الحياة فى
عالمنا اليوم. إن الكل بالطبع حريص

على كل تلك المعاملات التى يتم القيام بها نظراً
للحفاظ على تلك الأموال من الضياع

أو الفقدان تحث أية ظرف من الظروف المختلفة. إن
تلك الشركات الخاصة بالصرافة أصبحت

الآن منتشرة حتى فى تلك الدول التى لم يكن بها،
حيث أنها أصبحت تقوم بتغير وتبديل

العملات الأجنبية المختلفة إلى العملات المحلية
حتى يمكن القيام بكل ما يمكن بأن

يصبح له دوره فى السهولة فى الحصول على الأموال
والنقد اللازم لتصريف شئون الحياة،

وتسير الأمور بشكل أسرع وأحسن, وأفضل فى شراء
الاحتياجات والمتطلبات المختلة

والمتنوعة وتسديد كافة تلك الفواتير التى يجب على
الإنسان بأن يقوم بتسديدها. فإن

البنوك لديها الكثير من تلك الإجراءات وما بها من
روتين، والتى تتخذ من أجل القيام

بمثل هذا العمل والذى نجد بأن هناك تلك الجهات
التى يمكن لها بأن تؤدى نفس العمل

والذى يساعد على إتاحة فرص العمل للمواطنين وكذلك
التعامل مع الأسواق العالمية

بالسعر الحقيقى للعملات بعيداً عن الأسواق
السوداء التى قد تجد لها مجالاً ونشاطاً
ملحوظاً فى غياب مثل هذه الشركات التى من
الممكن بأن تتعامل تحت إشراف الحكومة، ومع
المرونة اللازمة التى قد يتطلبها السوق
المالى المحلى والعالمى. إنها تلك الشركات
التى تنتشر فى أغلب دول العالم، وخاصة فى
وسط المدينة والأماكن التجارية والحيوية
من المدينة فى أياً من تلك الدول. إنها
تلك الجهة التجارية والتى تتعامل مع العديد
من الأنماط البشرية والذين عادة ما يكونوا
من الأجانب نظراً لاحتياجاتهم إلى تأدية
مثل هذا التحويلات المالية إلى أهلهم
وذويهم، ولكن بالطبع هناك كذلك من المواطنين
الذين قد يحتاجوا تحت الكثير من الظروف
إلى القيام بمثل هذا المعاملات المالية، حيث
أنهم قد يحتاجوا إلى تحويل من أجل شراء
أياً من تلك السلع والبضائع التى قد تحتاجوا
إليها، والتى عادة ما تكون من السيارات،
أو من يريد بأن يحصل على بعض العملات

الأجنبية فى هيئة النقد أو الشيكات المصرفية أو
السياحية، والتى قد ينفقها فى

رحلاته السياحية أو العلاجية أو الدراسية أو
الدينية التى يقوم بها، أو لإرسال

المال والنقود لأياً من ذويه فى الخارج تحت
العديد من الظروف المختلفة. إنها تلك

الأسئلة التى تختص بالسعر الحالى للعملة المحلية
مقارنة مع العملات الأخرى، والتى

يتم التعرف عليها بسرعة فائقة نظراً للخبرة
والممارسة المستمرة والمتواصلة فى هذا

المجال التى لدى هؤلاء الصرافين، ثم بعد ذلك يتم
إما القيام بالمعاملة المالية، من

تسليم واستلام للنقد، أو القيام بإجراءات استخراج
الشيكات أو التحويل المالى

المطلوب مع حساب العمولة التى سوف يدفعها المشترى
ويتحصل عليها الصراف، نظراً

لقيامه بأداء مثل هذه المعاملة وكل إجراءاتها
المطلوبة والذين عادية ما يكون لهم

علاقات وحسابات مع البنوك وشركات الصرافة فى تلك
الدول التى سوف يتم تحويل المال

إليها، وأو العكس واستلام المال من طرفها. إن
هؤلاء الناس الذين يترددون على مثل

شركات الصرافة هذه من العرب والأفارقة والأسيويين
والأوربيين والأمريكان، أية مكن

كل جنسيات العالم. إن صوت الآلات والأجهزة
الإلكترونية وكذلك قد يكون غير مسموع حيث
أنه فى السابق كانت تتم طباعة مثل هذه
الشيكات عن طريق الآلة الكاتبة، والذى أصبح
الآن يتم القيام بذلك العمل باستخدام
الكمبيوتر والطابعة التى تؤدى مثل هذا العمل
بشكل أفضل وفعالة وأسرع، بحيث أنه لم يعد
هناك الإنتظار للطباعة عن طريق الموظف

الذى لديه خبرة فى استخدام الألة الكاتبة بالسرعة
المطلوبة، والتى يتم مبارة الحصول

على كل تلك المعلومات المطلوبة التى قد يتم
إدخالها والإحتفاظ بها فى الذاكرة

الإلكترونية، وإما تلك التى تكون مخزنة ومحتفظ
بها من تلك المعاملات المالية

السابقة، ويتم إسترجاعها والحصول عليها بالسرعة
الفائقة والفاعلية المطلوبة. إنه

بلا شك لم يعد أحداً من تلك الشركات أو حتى
البنوك لا تستخدم المكيفات التى تؤدى

العمل المطلوب من تبريد أو تدفئة فى كافة مكاتبها
سواءاً حيث يجلس الموظفين أو حيث

يتواجد الناس من مراجعين ومشترين من مختلف
الجنسيات. إنها قفزة وتحول كبير بين

الحاضر والماضى من حيث توافر كل تلك الأجهزة التى
أصبحت تهيئ جو العمل بحيث لم يعد

هناك تلك الشكاوى التى كانت فى السابق من جوا إما
شديد الحرارة والرطوبة، وأو

البرودة، والذى قد أصبح مختفياً اليوم نظراً لما
ينعم به من الناس من تلك التطورات

المعاصرة فى الحياة التى نحياها اليوم فى كافة
مجالات الحياة. إنه كذلك حدوث

التغيرات التى تتلائم مع ما يحدث من تطورات
إنشائية وهندسية فى تلك المرافق مع ما

يواكب مثيلاتها فى الدول المتحضرة والمتقدمة،
بحيث يتم التشابه فى تلك التصميمات من

ما يتم من تواجد الرخام فى أبنية تلك الشركات
والمؤسسات المالية، مثلما هو متواجد

من الشركات والبنوك الكبرى، مع إلتزام نفس تلك
الموصفات والمقاييس والمعايير

الحضارية والأمنية وفقاً لطبيعة الحالة التى
عليها الوضع، وطبيعة العمل والإجراءات

وما يتطلب من خطوات لإكمال ما هو مطلوب. فهناك
ذلك الشباك الزجاجى الفاصل بين

المشترى والبائع (الصندوق)، عند التعامل المالى
وتسليم واستلام النقود، وكذلك قد قد

يكون هناك بعض تلك الطاولات المكتبية المتناثرة
فى العديد من الأنحاء والتى بها

الأفراد العاملين الذين يقوموا بالمساعدة
والإجابة عن الاستفسارات المختلفة والقيام
بالإجراءات المطلوبة للعملية المالية
اللازمة. إنه ذلك الجو الذى يستشعر فيه

الإنسان الذى مر بتلك المراحل المختلف من تلك
التطورات ويلاحظ الفرق بين الماضى

والحاضر، ويتنبأ بما سوف يسفر عنه المستقبل. إن
الناس يذهبوا إلى مثل هذه الشركات

ويدخلونها ولديهم طلباتهم ثم بعد دقائق أو ساعات
يخرجون مرة أخرى بعد الانتهاء من

إنجاز معاملتهم المالية أياً كانت. إننا اليوم
نعيش فى عالم فيه المال هو عصب

الحياة، والتى لا يجد إنسان نفسه بعيداً عنها،
وهى التى تلبى لإنسان هذا العصر

تلبية طلباته واحتياجاته المتنوعة والمختلفة فى
مختلف شئون الحياة. إنها حتى تلك

العملات التى كانت لها قوتها فى الماضى والتى
اختلفت الآن من حيث تأثر الاقتصاد

بكافة الصور والأشكال المختلفة والتى أدت إلى
هبوط سعر بعض تلك العملات وارتفاع

بعضت تلك العملات الأخرى، والتى تتحدد من خلال
قانون السوق وهو العرض والطلب. إن

هناك من تلك العملات التى تستمر فى الهبوط
بموازنات مختلفة ونسب مرتفعة، فهناك ما

ينزلق بسرعة مخيفة، مما يدل على أن هناك مخاوف
عدم استقرار وتقلبات سياسية أو

اقتصادية لهذه الدولة مما ينعكس على عملة تلك
الدولة، وهناك ما هو يتأثر سلبياً

بشكل بطئ، وما هو بين القوة والضعف، أى الهبوط
والإرتفاع فى سعر العملة والقوة

السياسية والإقتصادية للدول. إنها ثقة الناس فى
تلك العملة التى يمكن بأن يتعاملوا

بها. إنها الحياة التى تمر بالعديد من تلك
الفترات المليئة بالأحداث التى يتأثر

فيها تقريباً كل شئ، والتى يؤدى إلى حدوث تلك
الإختلافات التى تحدث بين الحاضر

والماضى، وما يجب على الإنسان بأن يواكبه ويتعايش
معه بكافة الطرق والأساليب

الممكنة.










 



 



طلب عالمي



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



طلب عالمي



آلو …آلو…………. الكرة الأرضية



مكالمة محلية .. لا إنها مكالمة دولية
……..



أنه يستقبلها فى أية مكان فى منزله أو فى
عمله أو فى السيارة أو السوق أو فى ….
   كل
وقت وكل حين.. أصبح لا يهم المكان أو الزمان…..



ألو ..... حاضر… ولا يهمك…. كل شئ سوف
يكون تمام… …



إنه موظف إحدى شركات الطيران….. كابتن
طيار، مساعد طيار، مهندس جوى...مضيف، خدمة فى الجو… مبيعات تذاكر وحجز وشحن عفش،
خدمة أرضية…



 



إنها الأفكار التى تدور فى
خاطره.....وتقتحم عليه تفكيره......



إنه الآن فى المطار، وكل تلك الرحلات
الجوية التى تصل وتغادر كل لحظة وكل حين. نرى كل تلك الأجناس البشرية من كل أنحاء
الكرة الأرضية (المعمورة). أنه أصبح فى عالم غريب ملئ بالمفاجآت. إننا إعتادنا على
تلبية احتياجاتنا ومتطلباتنا من حولنا فى السابق، من الحى أو الأحياء الأخرى التى
فى داخل المدينة التى نقطنها. ماذا حدث من متغيرات وتطورات فى عالمنا اليوم. أنه
الماضى القريب الذى كان من الممكن القيام بتلك الاتصالات الهاتفية اللازمة إلا
كلاً من المطاعم والتى تقوم بتوفير خدمة توصيل الطلبات إلى المنازل. ثم بعد ذلك
تطور الوضع وأصبحت هذه الخدمة متاحة لدى بعض البقالات كذلك. إنه حب البيع وخدمة
الزبون، وذلك نظراً لتوافر السلع والخدمات، فإنها إحدى سياسات التسويق. ماذا نجد
اليوم فى عالمنا المعاصر، إنها كل تلك المتغيرات التى صدم بها العالم، فلم يجد
الترحيب بمثل هذه الخدمات على النطاق العالمى، وعلى أن يكون العالم قرية واحدة.
إنه يجلس فى إحدى صالات المطار ويرى الناس والعفش، كلا يؤدى مهمته على أكمل وجه،
من موظفين لشركات الطيران المختلفة، ورجال الأمن المتواجدون وعمال النظافة، وكل
تلك الخدمات الأرضية على المطار التى لا بد من توافرها لإنهاء كل ما هو مطلوب
أدائه والقيام به، وفقاً لأنظمة المتبعة فى مختلف أنحاء العالم من مثل تلك
الإجراءات اللازمة، إنها لا تختلف. وكذلك هناك تلك أفرع البنوك المختلفة والمتنوعة
التى تقوم بتسهيل تحويلات وتغير النقد المحلى إلى النقد الأجنبي للمسافرين، أو
العكس بالنسبة للقادمين. وكذلك توافر المطاعم والكافتيرياات الصغيرة التى توفر
خدمة المشروبات والمأكولات السريعة. ومحلات الهدايا والتى أصبحت تحتوى على كل تلك
السلع المختلفة والمتنوعة التقليدية منها والحديثة حضارياً والمتطورة تقنياً. أنه
مثل السوق الحرة والذى يوفر كل شئ على البال تقريباً لمختلف أعمار الناس وللكبار
والصغار وللجنسين (الرجال والنساء). إنه الآن فى المطار الذى يعتبر بحق مكان وموقع
غريب عجيب، فى المدينة، وفى كل انحاء العالم مثل هذه الموانئ الجوية والبحرية
والبرية والتى تنقل البشر والبضائع داخل وخارج المدينة والبلد الذى يعيش ويقيم
فيه. كلاً له وجهته التى يريد الذهاب إليها، لا تدرى أين سوف تكون المحطة القادمة
والجهة التى سوف يسافر إليها كل هؤلاء المغادرين وأيضا لا تدرى من أين حضروا كل
هؤلاء القادمين. إنه حضر ليس للسفر أو الاستقبال أو التوديع، وإنما هى المرة
الأولى الذى يحضر إلى المطار من أجل مثل هذا الذى يريد القيام به من مثل هذه
المهمة.
 أنه سوف يعود إلى منزله مرة أخرى،
لأنه حضر لغرض ليس فيه السفر إلى أية مدينه خارجية أو داخلية، أو حتى لاستقبال أحد
القادمين، كما هو معتاد، وما أكثر ما سافر إلى مدن أخرى الخارجية منها والداخلية
عبر
  هذه الموانئ المختلفة عبر العالم،
وكذلك ما أكثر ما ودع المسافرين واستقبال القادمين.
  وإنما هذه المرة ذهب لغرض أخر مختلف، وإن كان
أيضاً حضر العديد من المرات لكى يستقبل شحنات وطرود قادمة من الخارج والداخل.
,عنما هذه المرة، كى يشحن تلك الشنطة التى أعدها ليلة أمس، وهى صغيرة ولكن بها بعض
تلك الطلبات التى تحتاج إليها، إن بداخلها الطلب العالمى وهو أيضاً عالمى فى حد
ذاته، ويعتبر رمز من رموز العولمة، إنه جهاز يقوم بوسيلة الاتصال بين البشر عبر
أنحاء العالم أجمع، إنه خفيف الوزن صغير الحجم.



 



 إنه لم يذهب إلى قسم الشحن كى يقوم بالمهمة، وما
أكثر الغرائب والعجائب والاختلافات والأنماط السلوكية المستجدة فى القيام بمختلف
تلك المهام. وإنما حضر بناء على مكالمة هاتفية من تلك البلد الشقيقة. إن بها بعض
تلك الطلبات والأغراض المطلوبة. إنه أصبح يتلقى تلك الرسائل الإلكترونية عبر
الإنترنت، وعروض العمل فى مجال توزيع الكتب والمنتجات الإعلامية المختلفة والتى
أصبح عالمنا اليوم فى حاجة ماسة إليها. والتى كذلك انتشرت بشكل سريع وهائل وعجيب.
أنه أصبح ينظر إلى العالم بكل تلك المفاجآت الموجودة الأمن منها والخطرة، البطئ
منها والسريع فى الحركة. أنها كل تلك المحاولات التى يقوم بها من أجل تصحيح مساره
نحو تلك الحياة الأفضل التى ينشدها وينشدها كل فرد. أنه ينظر حوله فيجد من يحى تلك
الحياة الأفضل رغم ما قد يجده من تلك المنغصات المختلفة من حين إلى آخر. إنها
الحياة التى يتدخل فيها الشيطان أو إبليس اللعين، ليفسدها وينغص على من فيها. إنها
الشهوات والأطماع التى قد يزينها الشيطان للناس. الاستيلاء على الحقوق، وغبن الناس
فى المعاملات المختلفة. أنها أطماع لا تتوقف عن حد، فهناك من هو شره فى امتلاك
العقار أو السيارات أو الحصول على المزيد من المال أو التسلط على خلق الله. أننا
قد نجد فى كل يوم والتانى أطماع مختلفة يريدها البعض، ويزين له الشيطان مثل تلك
الأسباب التى تدعم حصول على ما يريد بالظلم والحصول ع لى التأييد والدعم من تلك
الجهات التى تدعم وجه نظره، وتؤيده للحصول على ما يشاء. أنها قد تكون القوة، وقد
يحدث ذلك النوع من النزاع ويصل أمره إلى المحاكم لانتظار حكم القضاء فيه. إن كلا
لديه أسبابه فى التعدى على الأخر. وبالنسبة للضعيف أبقى قابلنى لو حصل على أية شئ
من حقوقه أمام هؤلاء الطغاة الجبابرة، الذين لا يتورعون عن التحالف مع الشيطان من
أجل تحقيق مطامعهم التى لديهم أسبابهم القوية لذلك، رغم عدم حاجتهم إلى ذلك إلا
السير فى ركب واسوس الشيطان الذى لا يترك لوساوسه بأن تذهب سدي وفى أدراج الرياح.



أنه إذا يتلقى إحدى طلبات العولمة التى لم
يكن ليفطن إليها إلا من خلال ما يراه أمامه من كل هذا المهرجان الذى أمامه فى ناس
رايحة وناس جاية وناس كل فى عالمه الخاص الذى له فيه اهتماماته وعليه أن يؤدى مهمته
بالشكل المتوقع والمنتظر.
   



 



آلو ……آلو……….الكرة الأرضية…



 



آلو …آلو…………. البداية والنهاية. 



 



 







من يطرق أبواب السماء



 



 



 







من يطرق …
أبواب السماء…



إنه ظن بأن الدنيا قد
أظلمت فى طريقه، ولن يجد من يساعده أو يعينه على نوائب الدهر، وأيا من تلك
المتطلبات التى قد تظهر وتطرأ فى أية وقت، سواءا أكانت معتادة ومألوفة أو مستجدة
ومتغيرات قد أصبحت تواجهنا. أنه يعانى فى هذه الحياة قسوة ووحده شديدة، ويريد
تحقيق الكثير من تلك الأحلام وما لديه من طموحات مما قد أنجزه ويريد أن ينجزه، وما
يعود عليه وعلى الآخرين بالخير الوفير، والنفع والفائدة. ولكنه لا يجد من يدله على
ذلك، أو أية سبيل يمكن له بأن يتخذه ويسير فيه فى هذا الصدد وهذا الشأن. إنه يدعو
ويناجى ربه بأن يفرج ما به من كرب، ويزيل همه ويخفف معاناته، ويسهل كل تلك المتاعب
التى يتعرض لها، ويخفف عن كلت لك الأعباء والمسئوليات والالتزامات التى تثقل
كاهله. إنه يسير فى هذه الدنيا بنور الله. أنه قد يجد بعضا من تلك الأوقات التى
تروق وتصفو له فيها الدنيا، ولكنها لا تستمر مدة طويلة، وإنما هى مثل بعض تلك
الفواكه التى تظهر وتختفى سريعا، أو مثل الزهور التى تذبل بعد وقت قصير. إنه يقاسى
ويعانى من كل تلك المشكلات والعقبات التى تعترض طريقه، والتى هى بلا شك من صنع
الآخرين، ممن هم حوله. إنه لا يدرى ماذا يفعل، وكيف يواجه مشاكله ومتاعبه، ويتغلب
عليها، أنه يبذل قصارى جهده فى هذا الصدد. أنه يفكر ويتدبر ويدرس ويناقش ويحلل
ويفعل كل ما يمكن فعله فى هذا الذى يعترض طريقه، وما قد يصعب عليه من تلك الأمور
التى يجب بأن يعالجها بالأسلوب الصحيح والسليم ويصل فى النهاية إلى تلك النتائج
المتوقعة والمنتظرة. إنه يتخيل نفسه فى إحدى قاعات الامتحان الدراسية، ويجب عليه
بأن يبدأ بالإجابة على الأسئلة السهلة والبسيطة أولاً حتى لا يضيع الوقت أو لا يجد
ما يجيب عليه فى النهاية الاختبار، فلا يضيع وقته فى التفكير وعدم الإجابة على أية
سؤال. إنه من تلك الإرشادات التى يقدمها دائما المدرس لتلاميذه، قبل دخول
الاختبارات. إنه الآن وبعد أن اصبح الطالب والمدرس فى نفس الوقت، والرئيس والمرؤوس،
لوم يعد هناك من يرشده ويعلمه ويوجهه، فإنه بدء ينظر للحياة نظره مختلفة، إنه كان
دائما فى تلك المرحلة التى فيها من يشرف عليه، ويعلمه ويعرفه ويوضح له ما هو
المطلوب من تلك الواجبات التى لا بد من القيام بها، أو المهام التى لابد من أن
يؤديها، وهناك بلاشك التقييم الذى سوف يتم فى نهاية الفترة أو المرحلة التى يمر
بها، وفقا لخطة موضوع أو جدول تم ترتيبه فى هذا الصدد. إنه قام بالكثير من تلك
الوجبات والمهام المتنوعة والمختلفة من حيث الصعوبة والسهولة، ما هو بشكل جماعى
وما هو بشكل ثنائى وما هو بشكل فردى. ولكنه الآن يجد بأن معظم المهام والواجبات
أصبحت بشكل فردى إن لم يكن كلها.
  إنه يسير
فى الحياة بنفس هذا المنهج ويرى ما هو السهل والبسيط ويبدأ به قدر الإمكان،
وبتوفيق من الله. أنه يحاول جاهدا الخوض فى كل تلك المصاعب التى تعترض حياته،
والتعقيدات التى تتواجد بشكل أو بآخر، وتكدر عليه صفوه وهدوءه بل واستقراره. إنها
دائما تلك المخاوف التى تزايدت إلى حد كبير، وأنها تلك الأحداث التى تحدث وما
يصيبه منها من ضرر وأذى. إنه يحاول بأن يؤدى دوره كما يجب عليه بان يكون. ولكنه لا
يدرى لما يحاول الآخرون أن يضعوا أمامه من العقبات الكثير بدون أدنى سبب، أو حتى
بان يجد تفسير واضح صريح ومقنع لما يحدث من تلك التصرفات الشائنة، وإن دلت على شئ
إنما تدل على الأطماع والأحقاد ليس إلا، من حيث تلك الغرائز القبيحة فى النفس
البشرية والتى هى منذ الأزل، والتى يحاربها الدين والمجتمع والمخلصين للبشرية. إنه
يحاول بأن يؤدى دوره كما يجب بأن يكون، ولكن لا يدرى لماذا يحاول الآخرون بأن
يضعوا أمامه العقبات، إنه شئ غريب حقا تصرفات حمقاء لا ينظرون فيها إلى أنفسهم،
حين يرتكبونها، ويؤنبوا عليها الآخرين حين تصدر منهم، ويروا فداحة الأمر، ويهولوا
الموضوع، ويجعلوا من الحبة قبة كما يقولون، إننى والعياذ بالله من كلمة أنا، أحاول
بأن أستفيد من تلك الأخطاء قدر الإمكان، والحكيم هو من أعتبر وأتعظ وتجنب الكثير
من تصرفات الحمقى والبلهاء والمندفعين نحو الهاوية، أو الخسارة التى سوف تعود
عليهم من جراء ما يقوموا به من تلك الأفعال التى لا تنفع صاحبها وإنما تضر. وأظل
أجر أذيال الخزى والحزن فى كل مرحلة وفترة تمر وتنقضي، ولا أدرى ما هى الأسباب
التى أدت إلى الفشل الذريع الذى قد يكون حدث، ولولا لطف وستر الله ويجعل دائما ما
يحفظ ماء الوجه، فأنني أحمده وأشكره على نعمه وآلائه وفضله..! إننى فى المقابل
ونفس الوقت وهذا ما يدفع نحو النجاح والتقدم، ألعن الظروف التى أدت إلى حدوث مثل
هذا الفشل الذى منيت به، وأحاول جاهدا التعرف على الأسباب، وما هى الخطوات التى
تحتاج إلى الخروج من كل بلية ومصيبة ومآزق يقع فيه الإنسان، وهو لا يدرى كيف أحكمت
تلك الأوضاع الصعبة المقعدة التى هى مثل الشباك التى لا يستطيع أن ينفذ منها
الإنسان، والفخ الذى يقع فيه آيا كان، ولا يستطيع بعد ذلك العودة إلى ما كان عليه،
والبدء من جديد فى مشوار جديد من البداية.
 
هيهات هيهات أن يبدأ الإنسان من جديد بنفس كل تلك الظروف التى كانت مواتية
فى تلك المرحلة التى مرت ولن تعود من جديد، وأن يكون هناك نفس تلك السهولة والجرأة
واندفاع والتساهيل والشباب، وكل تلك الأسباب التى كانت مواتية فى الماضي أو فى تلك
الفترة التى تعتبر ذهبية فى حياة كل إنسان منا. ولكنها الظروف التى تأبى بأن يكرر
نفس الإنسان نفس المحاولة مرات عديدة بدون تلك الضريبة العالية المرتفعة التى لا
يقدر عليها الكثيرون. ولكن رغم ذلك لابد من إكمال المسيرة، والعودة إلى الركب مرة
أخرى بقدر المستطاع، ويما هى مهيأة، وما قد يتغير من ظروف لا يعلمها إلا الله فى
هذا الشأن. إنها الإرادة والعزيمة والقوة المصاحبة التى قد نجدها، فى تلك المراحل
المختلفة التى نمر بها والتى تتفاوت، وتختلف، ونجد كل تلك الحالات التى يمر بها
الإنسان من مشاعر مختلفة، وما قد يصاحب ذلك ممن صبر وتذمر وتمرد ورضا، وكل مرحله
فى وقتها تخرج فيها مشاعرها وأحاسيسها، وأفكارها، وكل تلك الجوانب المصاحبة لها.
ولكننا قد نتألم من ذلك، وهناك من يستفيد من تتلك ا لتجارب، ويدرك العيوب
والمميزات وكل ما يحدث من تلك المقارنات بين مختلف تلك الأوضاع المتغيرة. إنه
الجيل الحاضر وكل ما فيه من خصائص مختلفة عن الجيل السابق وما قد يتغير ويتبدل من
مفاهيم ومعايير وأشياء كثيرة، وما يدركها البعض ويعيها جيدا وما قد يحدث بشكل
تلقائي أو ما هو مخطط له، من تلك الأهداف التى قد تتحقق، وتكون متوقعة، أو منتظرة.
إنها الحياة التى تهمل وتهتم وتعطى وتأخذ، وإننا قد نجد كل ذلك يمر من حولنا،
وهناك من يحلل ويتدبر فى كل تلك الأمور والمواقف المختلفة، ويقوم بالوصف والشرح
وإبداء الأسباب الظاهرة والخفية، وما قد تم وسيتم إنجازه والإسهاب فيه، أو
الاختصار والتقصير، فى كل تلك الجوانب فى حياتنا التى نحياها، بكل ما فيها من
أحداث ومناسبات. إننا نجد كل تلك المجالات وما هو متواجد ومتوافر من تنوع، وكل تلك
الاهتمامات المختلفة المتنوعة التى قد تؤدى دورها فى آيا من تلك الاختلافات وما قد
يوضع من أولويات لابد من الأخذ بها، وهذا ما قد يكون بشكل جماعي أو فردى، وتحقيق
للرغبات واحتياجات منها ما هو ضروري ويلح بقوة على الفرد والجماعة، وما هو كمالي
ويمكن الاستغناء عنه وفقا لسياسات رشيدة بشكل جماعة ووعى وأدارك ومعرفة بالأمور.



 







فترة زحام … إلقاء الأضواء



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



فترة زحام … إلقاء الأضواء



بشر فى كل مكان….
يملئوا المكان… رجال ونساء وأطفال من كل المستويات والجنسيات والأعمار…أحاديث
تميزها ولا تميزها… وما هو مفهوم وما هو عكس ذلك، وما هو بعيد من همهمة وما هو
قريب كلام واضح وصريح… الضجيج يملئ المكان والباعة تزيده بأصواتها تعلن عن سلعها..
تسير وسط هذا الزحام.. هناك من الباعة من هو فى محلاته أو دكانه، وهناك من افترشوا
الأرض أيضا من الباعة المتجولين، والذين لديهم بضاعة … يريدوا بأن يبيعوا ما
يقدروا عليه ... قد يكونوا حصلوا عليها من مستودعات التجار المليئة بالسلع
والبضائع ولا تجد لها تصريف.. الكم الإنتاجي غزير مع تكنولوجيا الإنتاج والتصنيع
الحديث....وقد يكون هناك جانب خير فى هذا الصدد من المساعدة من قبل هؤلاء التجار
لمثل هؤلاء المساكين من الناس الذين يريدوا بأن يكتسبوا من أية طريق حلال قدر
الإمكان، ولكن رغم ذلك يجدوا من يحاربهم فى لقمة العيش من الحكومة وباقى تلك
الجهات التى تجتمع عليهم بسبب أو بدون سبب. إنهم يتفرقوا فى جماعات، فى الشوارع
بين الأزقة والأرصفة، يجلسوا على الأرض وأمامهم على قطعة قماش تلك البضائع التى
يدللون عليها، للمارة بدون تميز بين من يريد ومن لا يريد. إنها تلك التشكيلة
الكبيرة من تلك الأصناف التى تذخر بها المعارض، والتى تنتجها المصانع بغزارة فى كل
أنحاء العالم حيث الصناعات المنتشرة بشكل هائل، والتى تغزو العالم أيضا بشكل هائل
ومتنوع وبكل تلك المواصفات المختلفة المتنوعة التى ترضى لك الأهواء والأمزجة
والمستويات المعيشية من الغالي والرخيص.
  
تعالى وبص بثلاثة ونص…. الواحد من ده بعشرة بس… أو أبو خمسين بس بعشرين …
ثلاثة أو خمسة قطع بعشرة بس…فرصة ما تتعوضش … تعالى ألحق البضاعة قبل ما تخلص…
وهذا بكذا وذاك بكذا .. وبالطبع فى المحل سعره مرتفع وعندي سعره رخيص… نداءات على
أسعار السلع وبأيديهم تلك السلع والبضائع والتى منها المزيد والمزيد وتملئ
المستودعات والمخازن فى الصانع وعند التجار وفى الموانئ التى تكدست بها، وهم هنا فى
الشوارع وعلى الأرصفة، هى تلك السلع التى يروجون لها، ويريدوا بأن يبيعوا أكبر ما
يمكن بيعه منها قدر الإمكان. نداءات على الأسعار والسلع بأصوات الباعة تسمعهم وأنت
فى طريقك إلى المكان الذى تريد الذهاب إليه، لقضاء مصلحة ما، ولابد من المرور من
بينهم، حيث افترشوا الأرض وجعلوه سوقا لهم، أعطى طابعا جديد للمكان بجانب ما هو
متواجد من تلك التشكيلات الجمالية التى وضعتها بلدية المدينة فى هذا المكان، لتضفي
لمسة جمالية على الموقع، وتعبر عن التراث وطابع الدولة التاريخي. إنك قد ترى أم
وأبنها أو ابنتها سائرين وهى تجرهم حيث ينظروا إلى كل تلك السلع وما بها من
اهتمامات لهم من الألعاب التى تستهوى سنهم فى تلك المراحل المبكرة من العمر، وهى
الأم قد تنظر وتلقى نظرة على بعض تلك المعروضات مما قد يكون له أهمية فى حياتها،
من حيث الملابس او المفروشات التى قد معروضة بأسعار رخيصة وزهيدة. وهناك الشباب
الذى يسير أيضا فرادى وجماعات، أم للتسكع بين الزحام، أو لبعض تلك الأغراض الجادة
التى قد يتواجدوا من أجلها، والرجال بمفردهم أو مع عائلتهم، من النساء والأبناء
الكبار والصغار، من كل جنس ولون واختلاف الألسن والأعمار والجنسيات، وتشكيلة عجيبة
من الملابس التى تعبر عن الهوية أو ما قد يستر الإنسان. حركة فى كل مكان بحساب
وبدون إنتباه. إنه الليل الذى يدلى سدوله، حيث الجو اصبح مناسب يمكن تحمله فى هذا
المكان المفتوح ولم يعد هناك ذلك الجو الحارق من أشعة الشمس الساطعة الحارة. إنهم
يجتمعوا بعد أن أنتهي دوام الشمس فى هذه السماء، وذهب لدوام فى سماء أخرى، والتى
ما إن استدارت وتركت المكان، حتى خرج الناس من مخبأهم انتشروا بعيدا عن عينها
الحارقة الساطعة.
   إنهم قد اعتادوا على
ذلك فى هذا العصر، وفى هذه المرحلة الزمنية من النهار والفترة التى لها عنين (كما
يقولن) التى نمر بها، كما أنها هى نفسها اعتادت ذلك من قديم الزمان، ومنذ الأزل
وحتى قيام الساعة. لا يهم هذا العرق الذى يتصبب من الجبين وهذه الرطوبة العالية،
والتى قد تطال كل أنحاء الجسم الإنساني، بل وبعض الأشياء التى قد تدل على ارتفاع
نسبة الرطوبة فى الجو. ولكن قد يكون هناك الانشغال بأشياء أخرى لها أولوية تجعل
الإنسان ينسى هذا العرق المتصبب منه. إنهم فريقين من الباعة وحتى الزبائن، من هم
فى المحلات وبين أربع جدران، ومن هم فى العراء ويحلم بالأربع جدران .. فالفريق
الأول حيث الهواء البارد المكيف والديكور وكل تلك الموصفات الحديثة او التقليدية
فى المحلات للبيع والشراء، والسلع والبضاعة على الأرفف بالطرق التقليدية أو
الحديثة، أو فى المستودعات، ما تطلبه من البائع لتراه عن طريقه أو من حيث الأسلوب
الحديث بأن ترى بنفسك السلعة وتفحصها وتقيمها، نظام السوبر ماركت، وعند الخروج
تدفع الحساب، وحيث التعامل بالأجهزة الإلكترونية إم بالمال النقدى، أو بطاقات
الأئتمان، والشبكات البنكية التى أصبحت منتشرة وشائعة فى هذا العصر الذى نعيشه،
والمعاملة التى لها إيصال فى تسجيل البيع والشراء والذى يكون له ضمانة السلع من
المنتج ومن المحل، والفريق الآخر الذى ليس لديه غير هذا المعروض امامه من هذا
الكوم من البضاعة والسلع، الذى يحاول بأن يتخلص منه، حتى لا يتحمل عبْ نقله إلى
بيته أو حيث المكان الذى يتقطن به، ويسكن فيه، حتى الغد، وهو غير مقيد بأية
مصروفات أو اهتمامات غير هذا الذى أمامه من بضاعة، فلا يوجد أرفف ولا فاتورة ولا
ضمان ولا حتى موظفين غيره، ولا…شئ غير هذا الذى تراه أمامك من بضاعة. خذها أو
أتركها وسر فى حال سبيلك. فلاشك هناك الاختلاف الشاسع بين الفريقين.. المستوى
الراقي والمتوسط فى الفريق الأول… والمستوى المتدني إلى أدنى حد، وهو الذى يصنف
تحت خط الفقر، وأدنى مستويات الحياة، بكل ما فيها من بؤس وشقاء، وهذا ما قد يدل
عليه مظهرهم فى بعض الأحيان. كلام … حركات … مناداة … ضحكات … بكاء … سيارات
,..أتوبيسات … عبور الشارع عن طريق المشاة، مع هذا الازدحام الشديد. رجال المرور
متواجدون بسياراتهم وموتوسيكلاتهم..لتنظيم سير السيارات وسير الناس فى هذا السوق
المكتظ بالبشر من كل الأصناف. مطاعم ..كافتيرياات… الناس فى كل مكان.. تسير بشكل
عشوائى غير منظم أو مرتب … الناس ترتدى من الأزياء ما تراه من الزي الوطني لكل
الأجناس والبلدان… هذا التنوع والاختلاف… لا تستطع بأن تحصر هذه التشكيلة الفريدة
.. شئ غريب. وأنت فى طريقك وقد أختلط بينهم وأصبحت معهم فى نفس المكان، والذى أعطي
إضافة إلى هذه التشكيلة البشرية، من البشر المتغيرة كل يوم والمتجددة، والتى لا
يستطيع أحد بأن يلاحظ الفرق بين الأمس واليوم، والغد لا أحد يدقق فى هذه اللوحة
الفريدة ... التى نتجت من هذا الخضم المزدحم من البشر، وكلا له وجه نظره، ويسعى
نحو ما يريد بأن يحققه، وما يريده، وسوف يجد شئ فى النهاية بدون شك. بعد هذا
المهرجان اليومى العشوائى كلا يرجع إلى منزله متعب مرهق مكدود من التعب ... يترك
ما قد اشتراه ومن سلع وبضاعة، أو ما قج كسبه من مال ونقود وما تبقى لديه من بضاعة،
ويبدأ فى مراجعة حساباته ووقته الذى قضاه بشكل مباشر أو غير مباشر، بالألفاظ أو
بالعقل الواعي أو بالعقل الباطن. هل يحسب حساباته بشكل سليم، ما هى معاييره، هل ما
قد أقتناه وأنفق فيه يستحق، وما قد باعة أو اشتراه حقق له ما قد أراده منذ
البداية، وهكذا كل تلك الأفكار التي تتم بكافة الصور والمقاييس والأشكال. ويبدأ فى
التعامل مع باقى ليله، وينهى يومه بالشكل المعتاد من حيث الجلوس مع من أعتاد
الجلوس معهم ومسامرتهم، أو الخلود إلى الراحة والنوم، بعد كل هذا التعب والإرهاق.
إن يوما قد ذهب فى حال سبيله بعد كل هذا العناء، ولن يعود مرة أخرى، وإنما هناك
يوما آخر قد يكون متكرر أو قد يكون خلاف ذلك، لا أحد يعلم شئ عن المستقبل المجهول
الذى سوف يأتى، والذى هو سبب مشاكل البشر فى حياتهم وصراعهم الدموى فيما بينهم. هل
سيحدث له نفس الثقل والممل والمعاناة والانتظار لمن يشترى منه لما لديه من هذه
السلع
  والبضائع التى يدلل عليها. إن كل ما
يهمه هو أن يضع المشترى يده فى جيبه ويخرج له النقود ويعطيها له، نظير ما قد
اشتراه منه. إنها حياة لابد له منها سواء رضى أم أبى، ويجب عليه بأن يعيش وحتى
يعيش يجب بأن يقوم بمثل هذا الدور وهذا العمل فى البيع والشراء. إن حياته مأساة لا
يعلم بها إلى الله وهو، الذى كتب عليه الشقاء والحرمان هذا العذاب، لأية سبب من
الأسباب المعروفة أو المجهولة، أننا فى اليوم وفى الغد ما نستطيع بأن نقوم به، وما
يمكن بأن ننشده فى المستقبل، هل هو خير أم شر، لا أحد يعلم غير الله، ما يخبأ
المستقبل للجميع، ولكن بالنسبة لهم هؤلاء بالذات مظلم، ولا يبشر بالخير أبدا فيما
يبدو.



 







 



المحاولات اليائسة



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 







المحاولات اليائسة



 (إنها الأفكار الشاسعة)



قصة مأساوية



إنه قلق متوتر ..أصيب بحالة غريبة من الهلوسة.. وها هو قد ذهب فكره
بعيدا جدا عن الواقع.. أنه يسرح ولا يدرى حين يفيق أين هو أو ما هذا الذى يحدث له
ومن حوله. إنها تيارات فكرية عنيفة شديدة الوقع.. إنه الألم النفسي والجسدي الذى
يصاحبه الهم والغم والكرب والكثير من تلك الوساوس التى تجيش فى صدره وتقتحم
أفكاره.. إنه ينظر إلى كل ما حوله، وينظر إلى الناس، ويسمع كلامهم.. ويرى بعين
بصيرته انطباعاتهم ويسجلها فى ذاكرته… إنه يراهم هؤلاء البشر الذى تختلف شخصياتهم
وطباعهم.. فمنهم من هو رزين وحكيم ويحافظ على الأصول والتقاليد.. وهناك من هو أخرق
ويحاول بأن يحطم كل هذا النظام الذى يسير عليه المجتمع والناس،  إنه التمرد الداخلي الذى لا نستطيع بأن يفسره
أحد لنا، بالشكل الصحيح … هل هو تمرد على الظلم .. فيبدو وكأنه استهزاء بالعدل
والقيم  والنظام انتقاما من عدم وجوده
المطلق… أنه هو هذا الساخط المتمرد الذى يحاول بأن يرسل رسالة ما إلى من معه ومن
حوله، ومن يراه ويحيط بهم، ومن يراهم بشتى الصور والأساليب … ولا يستطيع بأن يقول
إلحقونى باللفظ الصريح، ولكن يقولها فى داخل نفسه وبأعلى صوته، إلحقونى ….
أغيثوني… إنني أستغيث بكم.. أنى غريب فى هذه الدنيا التى داست علىّ، ومازالت تدوس
على بالأقدام … ولم أفعل شئ يستحق هذا كله الذى يحيق بى.. إنها المسافات الشاسعة
بينه وبين الآخرين… إنني أتمنى الكثير من الرغبات الجامحة التى تجيش فى صدري ولا
أحد يحقق لى ذلك، أو تتحقق لى تلك الأمنيات التى أحلم بها وأضعها نصب عيني … إنني
أتكلم ولا أجد من أحد الراحة من هذا الجحيم الداخلي فى نفسي، أنه وضع العاجز عن
الشرح والإيضاح، حيث أنه لاقى الكثير من اللامبالاة والإهمال … وحتى فى بعض
الأحيان التى يسخر منه ويستهزأ به، وقد يؤنبه كذلك على كل تلك التصرفات هذه. إنه
أحيانا يحاول بأن يخدع من حوله بشتى الطرق… ويمكر وما يكون فيه من عادة الإيذاء
الذى يعود على البعض.. بل وعليه فى بعض الأحيان كذلك، إن لم يكن فى أغلبها، ولكنه
لا يدرى هذا ولا يدركه أو يشعر به… إنه القصور فى الفكر والاستنتاج لتصرفاته
المؤذية.. أو حتى قد لا يبالى بذلك، بل ويشعر فيه بنشوة جامحة .. بأن قد تألم وحين
يتألم يشعر بأنه قد انتصر .. لأنه قد يلاقى عطفا من الآخرين مما قد أصابه من مرض،
وأن الآخرين يرثون له حاله… إن أحد لا ينكر بأنه إنسان طيب القلب… متدين … ذكى
لماح.. يعطف على من حوله.. وعلى من يحبهم، ويحاول فعل الخير ... ولديه من تلك
الخصائص والصفات الجميلة المحببة إلى الناس… ولديه الأصدقاء والأقرباء الذي يتعامل
معهم حين يشعر فى بعض الأحيان بالوحدة أو بقسوة الحياة. إنه لا يدرى كيف تأتيه
أحيانا تلك التصرفات الخرقاء والحمقاء بل والبلهاء.. أنه يحاول بأن ينتقم من غدر
الأيام … من غدر الناس ... إنه يرجع إلى تاريخه الذى تعذب فيه، وكيف حدث ما حدث
له.. إنه بلا أدنى شك أيضا قد فاز ببعض الخير من هذه الدنيا … والتى قد تضنى وتبخل
به على الكثيرين من غيره من البشر، ومن جيرانه وأقربائه وأصدقائه وأصبح له وضعه فى
المجتمع الذى يعيش فيه….ولكن ما الفائدة وهو فى هذا الوضع الموسوس. إنها تصرفات
حمقاء لا شك فى ذلك، أنه يحاول بأن يجعل الآخرين أكثر عداء له فى ذلك. أنه يحاول
بأن يكون لديه نوعا من القوة او السلطة .. قد يكون لديه نوعا من القوة ولكن عليه
رقابة من الجهات الأعلى والمسئولة، فلا يستطيع بأن يتصرف على هواه. أنه يريد بأن
يتحدث إلى الآخرين… ولكنه ينظر إلى الآخرين لمن هم أضعف منه بلا شك حتى يضمن الفوز
والنصر. أنه يأس من وضعه هذا الذى يجد نفسه فيه.. أن يريد الانتصار.. أنه سيكون
أكثر سعادة … وبذلك يضيف إلى ما حققه المزيد … إنها الحياة التى يرى فيها القوى
الذى لا يرحم الضعيف.. والكبير الذى يأكل حق الصغير.. إنه عاد إلى حياة الغابة
وفيها الافتراس على أشده لمن لديه القوة والجبروت، ومن يستطيع المكر والحيلة
والدهاء.. إنه الحفاظ على النوع… والاستمرارية والمواصلة فى هذه الحياة التى
أصبحنا فيها بهذا الشكل. إنه مازال ينادى بأعلى صوته ... ولكن لا أحد يسمعه، أن
يصرخ ولكن كل هذا لا يتعدى داخله المغلق، كما يقولون بالضبة والمفتاح. وقد يكون
هناك ظواهر جسدية ولكن ليس لها معنى أم الطب يفسر ما يجول فى داخله، لذلك فهذا
الاحمرار فى وجهه، بل فى كل جسده تقريبا والذى يجسد الكبت الذى يظهر على هيئة
علامات احمرار مثل الالتهاب فى مختلف أنحاء جسمه. إنه يظن أن الآخرين يشعروا بما
يشعر به. إنه يتعامل معهم بالطبية فى الكثير من الأحيان، وإنها الطيبة النابعة من
القلب ومن داخله النظيف. ولكنه أصبح لا يستطيع بأن يسيطر على مشاعره المتضاربة
أكثر من هذا. كيف أصبح الآن فى الحاضر؟ وكيف كان هو فى الماضى؟.



إنها ذكريات الماضى وهؤلاء الناس الذى كان يتعامل معهم ويحتك بهم، ومن
كان يعطف عليه، والحنان المتواجد لديهم والذى أختفي الآن من على الساحة لرحيلهم من
الحياة. أنه يسير فى طريقه وفقا لما يدور فى خلده من أفكار تتوارد إلى ذهنه من
فكره ومن استنتاجاته وأحاديثه ومناقشاته مع الآخرين، سواءا أكانت استنتاجاته صحيحه
أم خاطئة، سواء رضوا أم لم يرضوا. هذا هو الذى حدث ويحدث، ولا يستطيع أن يغيره،
وأن كان يحاول ذلك، ويصل إلى الصحة والمصداقية.



 



أنه يشعر بأنه يستطيع بأن يتصرف وفقا لكل تلك المتغيرات فى المجتمع من
الكثير من الظروف المتغيرة والمتنوعة. إنه يسير فى طريق يتمناه بأن يكون الأفضل
والأحسن والأمثل. ولكنه لا يجد ذلك، وإنما دائما يصطدم بالواقع المرير. أنه يحاول
بأن يؤدى واجبه كما يجب، ولكن لديه حب لإيذاء الآخرين من خلال تصرفاته الحمقاء
التى يتمنى بأن يصدرها لهم انتقاما منهم ومن الحياة التى ظلمته ومازالت تظلمه، وأن
يظل هو فى الأمان، مما قد قام به من طيش وفعل منكر، سواءا أكان ذلك خرقا للقانون
أو التعدي على النظام أو البعد عن الدين. إنه إنسان يريد بأن يكون الأفضل. ولكنه
ظل يفكر ويفكر وقد هداه تفكيره أخيرا، بأنه قد يكون هو نفسه قدوة للآخرين. فلماذا
يعطيهم الشيء المثالي الشيء الجميل، وأنه يريده فقط لنفسه، ويحاول بأن يحتفظ بهذا
الشئ الجميل، لأنه إذا شاع فإنه يفقد قيمته، وأنه وجد بان الندرة هى التى تقود إلى
التعدى على الكثير من حقوقه المسلوبة من الآخرين، ولا يستطيع بأن يشكو أو يتذمر،
ولمن، ويكفى ما فيه من مشاكل ومتاعب، فلا
 
حاجة له إلى المزيد منها. هذا هو ما هداه تفكيره إليه، فإنه فى هذا الأمر
فى قمة الأنانية المطلقة، يريد بأن يجد الأسهل دائما له هو فقط، وأن لا يحافظ على
النظام والقيم أو حتى المبادئ التى ينادى بها هو الآخرين، طالما أن أحد لا يراه،
أو يعلم بذلك أحد من الناس، أنه هنا نجده لا يخشى إلا القوى الذى يعلم بأنه قد
يضره ويؤذيه، ولكنه أمام من هو أقل وأضعف منه، فى أيا من تلك المستويات الفكرية
سواءا أكانت دينية أو قانونية، أو حتى الأدبية والاجتماعية. فإنه يريد بأن يدوس
عليهم كلهم، ويسحقهم سحق. إنه لديه هذه النزعة العدوانية الماكرة التى نشأت معه
وهو طفل، ويحاول بأن يخفيها عن عيون الآخرين، ولكنه وجد بأن الحياة غير ذلك، أنه
تعلم الكثير من الحياة، ومن المجتمع ومن الناس. أنها تلك الأشياء التى لم يراها أو
يجدها فى أسرته، وأهله، أهل الحى الذى نشأ وتربى فيه. أنهم أهله الذين ربوا وعلموه
وتركوه، إنه الآن كما فى السابق، وكما أعتاد منذ صغره، فى مرحلة الاعتماد على
النفس، وفهو كذلك وهو فى مراحل سنه المبكرة، بخلاف باقى أقرانه، لدرجة أنه شعر بأن
الدنيا قد أظلمت فى وجهه، وظلمته بوضعه هذا، وإنه قد بدأ يشعر بأنه رجل كبير بل
وبل وعجوز، وهو مازال شاب فى مقتبل العمر، لدرجة أن شعره شاب وأبيض لونه وهو فى
مراحل سنه المبكرة، حتى يكون الشعور صادق، وليس وهما أو خيالا. لذلك فهو يحقد على
هذه الدنيا وهذه الحياة، وعلى هذا المجتمع الذى جعله فى هذا الوضع، وعلى هذه
المعاناة التى وجدها فى أوقات مبكرة من عمره، فلم يتمتع بما تمتع به الآخرين،
ولذلك فهو الآن يحاول بأن يؤدى ويتمتع بما لم يستطع القيام به من تلك الأفعال فى
شبابه، وما قد تمتع به غيره غيره من الناس، وها هو ينتهز الفرصة السانحة كلما
أتيحت له.



 



 لماذا لا؟ وماذا سيخسر أكثر
مما قد خسره. هذا هو ما هداه إليه تفكيره الذى سيقوده إلى الوبال والخراب والدمار،
وهو لا يظن ذلك، وإنما يظن بأنها الشطارة، فهو أعمى لا يرى بعقله والذى طالما
أستخدمه فى الاتجاه الصحيح، ولكنه الآن يفكر بمشاعره وعواطفه الحاقدة المتوقدة
بالغيرة من مقارنته بالآخرين، والتى ستقوده إلى الهاوية. إنه لم يمارس مثل باقى
أقرانه من الشباب من كان فى سنه فى تلك المراحل التى مرت عليه، الطيش واللهو
العبث، فليفعل بعضا منها الآن. وينتظر وينظر إلى المجتمع وإلى الناس بل وإلى
الحياة تلك النظرات الحاقدة السوداوية الساخطة المتمردة، ولديه الاستعداد لذلك
والمبادرة العدوانية، لما أو لمن يقف فى طريقه، فإنه الآن أصبح حرا وحيد، بعد أن
تخلوا عنه، من كانوا عنه مسئولين، ومن يوبخه ويعاتبه مثل أبيه وأمه، وبعضا من
أقربائهم، من أجل الصح والصواب والهداية له، والرزانة والوعى والإدراك، والتمتع
بالأمر والنهى الذى قد يكون فى الكثير من الأحيان فى غير موضعه، ليس فقط بالكلام
ولكن أيضا بالعقاب المادى والمعنوى. أنه الآن سئم كل هذا، وهو فى أواخر عمره،
وماذا ينتظر من دنياه التى آلمته أشد الألم. أنه إذا قد أصبح أخيرا حرا طليقا من كل
تلك الضوابط القاسية من المسئولية عن الذين رحلوا عنه، بل رحلوا نهائيا عن الحياة
وهذه الدنيا، وهو عن قريب سوف يلحق بهم. أنه يشعر بتلك اللذة الغريبة الجميلة حين
يمارس هذا التمرد، ويتصرف بشكل أخرق أمام الآخرين، ولا يستطيعوا بأن يفعلوا شئ
أمامه، أو حتى ينتقدوه أو يوبخوه على تصرفاته. إنه أخيرا أصبح سعيدا فى هذه الحياة
التى قاسى منها الكثير، إنها رسالة يريد بأن يرسلها إلى من رحلوا عنه عبر من هم
متواجدون الآن، ولكن من منطلق القوة، وإنه هو الآن فى موقع السلطة والرياسة
والتحكم فى مصائر البعض. إنه يضحك فى داخله عليهم، ويسخر منهم، وأن كان وجهه يأخذ
شكل الصرامة والجد ... والتأهب للافتراس، بل وحتى للانتقام، إن لم يكن الآن ..
فإنه دائما المستقبل الذى يتيح له هذه الفرصة المناسبة التى ينعم بها، وينتقم
فيها، ويأخذ بثأره، ويرتاح مما يثقل على صدره وكاهله. إنه أصبح صديقا لهذا الزمن
الذى يضعف فيه الآخرين… ويهوى بهم إلى الأرض، بل إلى أسفل سافلين. إنها رسالة موجه
إليهم جميعا. إننى الآن حر طليق أفعل ما أشاء، متى أشاء وكيفما أشاء. أنتم رحلتم
وأنا باقى أمارس ما قد منعتموني منه، إنني أفعل ما أريد بعيدا عن أعين القانون
والنظام الذى تتشدقون به، أن ألتزم به فقط أمامكم، وليس عن اقتناع. إنني أيضا
أنتقم لمن تركوني وحيدا فى هذه الدنيا التعسة بهذا الشكل الذى أنا فيه الآن.
فلماذا أحافظ على ما لم يستطيعوا هم بأن يحافظوا عليه، ورحلوا ولماذا رحلوا؟ … هل
ضعفا فى القوة الجسدية؟ أم خوفا من غدر الحياة وتقلباتها؟. ولماذا أستمر أنا فى
التمسك بهذا الجمر … بالعقل والحكمة وأن أراعى مشاعر وأحاسيس الآخرين… بل وأمنهم
وسلامتهم. إنها رسالة موجه إليهم من بعيد جدا. ولكنهم لن يستطيعوا بأن يقرءوا منها
شئ، لن حروفها غير واضحة المعالم فى هذا العالم المظلم المزدحم الشاسع المترامي
الأطراف .. إنني أنا الآن الأقوى، وهم الأضعف. وهل القوى يخشى الضعيف؟.



 إنه قدم أفكاره لنا، ونحن
نتسأل عن هذا الشخص المريض، نفسيا، بل وجسديا، أو هؤلاء الأشخاص المرضى الذين
تكونت ظروفهم بنفس الشكل والأسلوب والتى مرت بظروف متشابه ومتماثلة. هل هو أو هم
مرضى نفسيين؟ هل هو عاقل ويتصرف بشكل صحيح فى هذه الحياة التى أصبحنا فيها، وبكل
تعقيداتها، ومتاهاتها؟ هل هو إنسان فعلا سوي وعلى صواب فيما يقوم به؟. هل هناك
طريق آخر يمكن له بأن يسلكه، ويتحكم ويسيطر على تصرفاته ومشاعره وأحاسيسه التى طفت
على السطح، ويمكن السيطرة عليها، والتغلب عليها؟.
 
هل هى تصرفات تلقائية ولا يستطيع التحكم فيها، ويصبح بذلك على شفا هاوية
سيقع فيها؟ هل كل هذا الذى حدث له، هو نتيجة ظلم الحياة وقسوتها وأيامها المرة
الأليمة، ولياليها المظلمة القارصة. من يستطيع بأن يضيف تساؤلا أو إجابة وتفسير
لما حدث ويحدث من كل تلك التصرفات التى يقوم أو يحاول أو بل تراود هذا الإنسان
الذى تراه فى داخل البعض بل الكثيرين. هل هذا يعنى فعلا رسالة من بعيد يجب الإجابة
عليها.
 



إنه الآن أصبح حرا… أنه ضاق بكل هذا الممنوع الغير مسموح … سواءا أكان
ذلك بالكلام أو بالتلميحات والإيحاءات الغير مفهومة لدى الكثيرين … إنه يريد بأن
يكسر كل تلك الحواجز والعقبات التى تعترض طريقه … أنه ساخط على هذا الوضع، وعلى
هذا المجتمع … على هذه الحياة إن صح التعبير. إنه أمام كل هذه العراقيل التى
أمامه، ويشعر بأنه مخنوق، ويريد هواء نقى، حيث أن كل الهواء الموجود ملوث. إنه
النظام الذى مل منه، وسئمه. تعسا لهذا النظام، الذى يحابى البعض على البعض، … لذلك
فإنه حين يجد الفرصة لا يتركها، وحين يعلم بأن أحد لا يراه أو يشاهده أو هؤلاء
الأطفال والضعفاء من الشيوخ والنساء، فإنه لن يتورع فى القيام باستعراض عضلاته فى
أنه القوى الذى لا يأبه شئ، ولا هذا النظام الذى وضعوه، إنه شعور داخلى مسيطر
عليه، وكبت رهيب داخله، أو قد يكون أحد الأسباب لأمراضه التى يعانى منها وتعتريه
بآلامها من حين إلى حين. إنه فعلا إنسان مسكين. إنه فقلا لا يدرى بأنه يضيع، وأن
النظام هذا من أجله ولصالحه، كما أنه من أجل الآخرين وصالحهم وسلامته وسلامتهم.



 



إنها تلك الرسالة التى يحاول بأن يرسلها، إلى الآخرين، مما يستطع بأن
يقوله، ولكنه لا يدرى كيف، هل هو الخوف، هل هو عدم القدرة والإمكانية على التعيير
عن نفسه بالشكل الصحيح؟، وأن لا يفهمه أحد خطأ؟ هل هو غير مقتنع بهم، وأنهم لن
يستطيعوا بأن يفهموه، ويكون هناك حل وعلاج، وقد يكون هناك نتائج عكسية، تقود إلى
المزيد من المعاناة، والآلام والأوجاع، والمتاعب وتقود إلى تلك النتائج التى لا
تجمد عقباها.
   التى هى مليئة بالصراخ والضجيج
والمكتوبة بالخطوط العريضة الكبيرة بل الضخمة وبالخط الواضح المفهوم بكل اللغات،
حتى لا يكون هناك عذر لمن لم يفهم، ما يريد بأن يقوله.



 ولكنه شئ غريب حقا بأن لا يجد
أحد يلاحظ هذه الرسالة الموجهة إليهم، أنه يريد بأن يقول تعالوا وشوفوا المعاناة
التى أعيش فيها! … تعالوا شوفوا كل هذا الظلم التى لحق وأحاق وآلم بى. تعالوا
أعملوا شئ، أية شئ يخلصنا مما يحدث هنا وهناك، لإيجاد حل وعلاج فعال لكل هذا الوضع
المزدرى. إنه هو السبب فى كل هذا الانفجار، الذى يحدث.. لماذا لا أحد يشعر بى..
إنني أمامكم ألا يستطيعوا فهم كل هذه الإشارات الواضحة المعالم الصادرة منى، فى
تبليغكم ما يحدث … لماذا أنتم فى بعض الأحيان، بكل فى كل الأحيان صامتون، وتنظرون
إلى كالبلهاء، كأنكم لا تعون ولا تفقهون ولا تعلمون شئ. لماذا هذا اليأس الصادر
منكم؟. إنكم أنتم الذين أعطيتموني القوة التى سوف أدمر نفسى وأدمركم بها، … لماذا
ترثون لى… نظراتكم غريبة.. فيها عطف وحنان، أم سخرية واستهزاء بى، أم رثاء لحالى …
لا …إنني مازلت معكم! .. وتفهمون ما أقول! … أو وكل ما أفعل… ولن يستطيع أحد منكم
أيضا أن يمنعنى! … أيها الضعفاء الجبناء … إنني أتلذذ بجبنكم هذا …



 والآن إنني أنطلق… ورسائلي
موجه إليكم الآن… ثم إلى العالم بعد ذلك.. إنني معكم أعلم ما تريدون.. ولا
تستطيعون بأن تحققوا ذلك… وأنتم لا تعلمون ما أريد… ولكنى أستطيع ذلك … وأنتم لا …
إن لدى القوة .. وأنتم لديكم الضعف… هذا هو الفرق بيني وبينكم.. إنني لا أريد بأن
أوصف بأنني ضعيف جبان!… ولكن بأن أوصف بأنني قوى الجنان أفضل … أفضل بكثير جدا.
أنتم الذين سوف تصفونني أمام الآخرين سواءا بشكل مباشر أو غير مباشر.. أنتم تعلمون
جيدا (وإن كنت لا أدرى ذلك فعلا)، بأنني لا أستطيع أن أفعل ذلك أمام غيركم، من
الأقوياء مثلى… إنني أحاول بأن أتشبه بحفظة النظام ورجال الأمن! … ولكن بكسر
النظام، وخرق القوانين مثلهم تماما! … ألا يفعلون ذلك!، ولا أحد يستطيع بأن يتفوه
بكلمة. إنني أستخدم كل تلك الأساليب الذكية الممكنة، إنني أستخدم حالات الطوارئ
دائما.. ها ها ها ها.. إننى لا أضحك ولكن أزمجر وأزأر. أنا لا أبالي بكم أيها
الضعفاء المساكين…هيا أغربوا عن وجهي… إنني أنطلق بكل قوة… وداعا.. لا إلى اللقاء.
فهناك مقابلات أخرى كثيرة، ونظرات شائنة قاسية أخرى تستحقوها… هل وصلت إليكم
الرسالة الآن.



 



إنه لا ينظر إليك بعينيه التى فى رأسه وإنما هو
يحلل الأمور، وينظر إلى الدنيا بعقله وتحليلاته واستخلاصه للنتائج، وهذا هو الذى
يعطيه تلك المؤشرات الحالية ومن خلال حاضره وماضيه وتجاربه، وعلاقاته ومعاملاته،
وخوضه فى الكثير من ميادين الحياة، وتفاعله مع المشكلات، واندماجه فى المناسبات من
أفراح أتراح.
  وكل ما قد سمعه من مناقشاته
مع الآخرين ومن مصادر متنوعة وكل تلك القنوات المختلفة التى يمكن من خلالها بأن
يتعرف على المعلومات، والتى فيها قد تتبلور الأحاسيس المختلفة والانطباعات
المتنوعة، التى قد تتفق معه، والتى قد تختلف معه.



إنه ينظر إلى الإنجازات التى قد تحققت من البعض والوثوق فى آرائهم
وتصرفاتهم وأفكارهم، وكلامهم ومشاعرهم بل ويحاول بشكل مباشر أو غير مباشر مشاركتهم
فى كل تلك التصرفات الظاهرة والباطنة. وهل هناك من يأبى، أو يستطيع أن يرفض أخذ
المزيد من متع ومقتنيات الحياة الجميلة والقيمة، التى تهفوا إليها النفس البشرية.
إنها الرسالة التى يرسلها دائما من بعيد جدا ولا أحد يدرى ستصل أم لا؟. إنه لا
ينظر إلى الجمال فى الحياة، ويستمتع به، وإنما يحاول دائما الخوض فى كل تلك الأمور
الشائكة التى من شأنها بأن تضيف إليه من الماديات ما يستطيع، وفقا للخطة الذى
وضعها نصب عينيه. فإنه لم يعتد ذلك أو أية أحد من أهله، وإنما هو فقط التعامل الجاد
القاسي للحياة العملية، التجارية والمالية، والعلاقات البشرية العامة والخاصة.



 إنه يبحث عن الماديات فى
الحياة، وليس ما فى الحياة روحانيات ومعنويات، ومن الجوانب الأخرى، على سبيل
المثال وليس الحصر، الطبيعة الجميلة، مثل روعة السماء فى بعض الأحيان، وخاصة من
تلبد السحب ويبدأ المطر فى الهطول، والنسيم الجميل العليل الذى يمكن له بأن يشعر
به الإنسان فى تلك الأجواء الجميلة الفريدة. فإنه لا ينظر إليها إلى مثل من هو فى
تلك البيئات الصحراوية التى ينشد فيها المطر رحمة للبلاد والعباد، وذلك حتى تخضر
الأرض وتروى الزرع والضرع، والتى تعود بعد ذلك بالخير على البلاد. إنها الحياة
المعاصرة، العملية الطاحنة القاسية بما فيها من توتر وقلق كبير، والتى يحاول بأن
يكون له من شأنه وكيانه فيها، إنها مجالات الأعمال التى فيها التجارة التى تؤدى
احتياجات للآخرين وإشباع رغباتهم فى صيانة حياتهم سواءا فى الحياة المنزلية
الاستهلاكية العادية، أو حتى التى قد يكون فيها علاقة بالأجهزة التجارية التى فيها
من كل ما قد يحتاج إليه من صيانة ومتابعة والحفاظ على مسيرة المجتمع والحياة
فيها.
  إنه التفكير الذى أختلف وتغير، وفقا
لمتطلبات المجتمع واحتياجاته، والذى تبلور عن هذا الشكل والطابع الحضاري الجديد،
والذى لابد من الاندماج فيه، وفقا لما يجب بأن يكون فيه الإنسان الواعى الذى
يتعامل مع العصر ومتطلباته. إنها تلك السياسات التى تتبع من أجل السير بجدية،
وبصرامة شديدة، وهنا يدرك كل فرد إمكانياته وبناء على ذلك يبدأ فى خوض مجالات
الحياة وفقا للاهتمامات والعائد المادى المنتظر والتوقع والمكانة التى يريد بأن
يصل إليها.



 



إنه يحاول ويحاول بأن يجعل الآخرين يفهموه، وفقا لنظرياته ومبادئه،
وما قد جبل عليه من تلك المفاهيم الصحيحية والخاطئة، والمختلفة التى هى من وجهة
نظره الصحيحة فقط وهكذا ينبغى للأوضاع بأن تكون. ولكنه يشعر بأن هناك مسافات
ومسافات شاسعة بينه وبينهم. هل وصل إليه نهاية المطاف فى التفاهم بينه وبين
الآخرين، وأنهم أصبحوا لا يشعروا بما يشعر به من كل تلك المشاعر والأحاسيس. إنه فى
حالة من الذهول لما قد آل إليه الوضع، إنها تلك المراحل التى خاضها، وقد تفتحت
عينه على الكثير من تلك الحقائق التى كانت غائبة عنه، وقد أصبح فى حالة من الحيرة
والتوهان فى الحاضر، وما قد كان فيه فى السابق، من تلك المشاعر الجميلة الفياضة،
انقلبت إلى قبيحة مفضوحة لدى الآخرين رغم محاولاته المستمرة من أجل إخفائها عن
أعينهم، فقد كان هناك فى السابق من يقوم بمثل هذا الدور له، ويدرى الكثير من تلك
التصرفات الخرقاء، وكان الماضي ملئ بالأصحاب والجيران من يتفق معهم فى آرائهم
وأفكارهم، ويدرس الوضع الصحيح والوضع الخطأ ويختار، فلم يكن يجد نفسه بمفرده كما
هو الآن.



 إنه لا يجد من الدعم ما يمكنه
من مواصلة مسيرته بنفس تلك الأفكار الممتزجة بالخير والشر، بالمحبة والكراهية،
وبالعداوة والصداقة، والحرب والسلام. أنها بلا شك تلك الحياة التى غمرته بكل ما
فيها من مشاكل ومتاعب ومتاهات، وهموم ومسئوليات لم يكن يدرى ما هى وما هو حجمها، إنه
مثل الكل يظن أنه القادر على وضع الحلول الفعالة الناجعة لمشاكله الحياتية،
العائلية والعملية، إنه على كلا فى وضع طيب وجيد ويستطيع بأن يواصل ما قد بدأه،
ولكنه الآن يشعر بالغضب السريع ممن هم حوله، ولم يعد كما كان فى الماضي، ولا يريد
بأن يظن أحد بأنه مازال بنفس أسلوبه وطريقته فى التعامل مع الآخرين، أو أنه خالي
الوفاض والمسئولية والالتزامات والتى تجعله أكثر جديه، وأكثر قسوة فى تعامله مع
الآخرين أيا من كانوا، ولكنه أيضا يحاول بأن يحافظ على تلك الروابط الأسرية الطيبة
القليلة النادرة قدر الإمكان. إنه الذكاء الطبيعى والمكتسب من سنين الحياة التى
مرت، وما قد مر به من تجارب وتطورات على الساحة، وما قد حدث فى المجتمع الذى يعيش
فيه، من كل تلك المتغيرات التى قد تعتبر فى حد ذاتها قفزات هائلة نحو التقدم
الحضاري، ومن كل تلك الماديات التى لم تكن متواجدة، وما قد أصبح يراه من إمكانيات
اصبح يخوض فيها، ومن واقع مسئوليته ومستواها الوظيفي فى العمل.
  إنها العلاقات التى تبدلت وتغيرت، والناس الذين
اختلفوا ومحاولات الكل من أجل الحصول على أوضاع معيشية أفضل وأحسن. إنها الحياة
الجديدة التى يخوضها بكل ما فيها من تلكم المسافات الشاسعة المترامية الأطراف،
والتواصل المتسمر بينه وبين الآخرين عبر البحار. أنه أصبح يرى الكثير من تلك
الحالات التى كانت تمر به من أفكاره وأوهامه، وما قد يفكر فيه بشكل أو بأخر. إنه
لا يدرى كيف يتصرف، ولكن كبريائه يمنعه، بأن يجد نفسه فى مآزق والآخرين ينظروا
إليه وهو فى حيرته هذه، أنه يتصرف تصرفات خرقاء أو حتى يظهر غضبه وانشغاله أفضل
ويستطيع بأن يواصل مسيرته بنفس أسلوبه القديم الحديث. إذا إنها حسابات الماضي
والحاضر، وليس يهم الآن المستقبل، فإنه بالفعل يهتم كثيرا بتلك الحسابات التى يؤرق
مضجعه ليل نهار. أنه يظن بأن ما يفكر فيه لا يفقه أحد، وأنه بعيدا عنهم، وأن هناك
الكثير من تلك الأعباء والمسئوليات التى على عاتقه، وهذا هو الدليل على أن لا أحد
يريد بأن يخفف من وطأة هذه الأعباء والمسئوليات، عنه، وأنه بذلك قد فقد كل صله
بينه وبين من كان يأتيه ويخفف عنه، ولكنه الآن فى وضع صعب للغاية، رغم أنه باقى فى
تحمل المسئولية فى فترات مبكرة من حياته، وفى بداية سنين عمره المبكرة. إنها حياته
التى اختلفت اختلافا شديدا عن سابق عهده بها، وكذلك هذا الذى حدث للمحيطين به،
والمجتمع الذى يعيشه، إن كل من كان بجانبه تركه سواءا بالرحيل من القرب معه فى
مجتمع واحد إلى مجتمع آخر، وفقا لظروفه التى تغيرت أيضا، أو قد يكون قد تركه إلى
ما لا رجعه مرة أخرى إلى هذا العالم الذى نعيشه. فلماذا فلماذا يعطهم الشيء
المثالى الشيء الجميل، وأنه يريده لنفسه فقط، ويحاول بأن يحتفظ بهذا الشئ الجميل
له فقط. لأنه إذا شاع يفقد قيمته، وهذا هو ما هداه تفكيره إليه، الذى اهتدى إليه
لذلك فهو فى هذا الأمر فى قمة الأنانية المطلقة، يريد بأن يجد الأسهل له هو فقط،
وأن لا يحافظ على النظام والقيم أو المبادئ طالما لا أحد يراه ويعلم بذلك، أو يترك
حقيقته الخرقاء تظهر فقط أمام الضعفاء الجبناء من الناس. إننا هنا نجده لا يخشى
إلا القوى العادل أو حتى الظالم مثله، الذى قد يعلم بحاسته الفطرية وذكائه المكتسب
وتحليله لشخصيات الناس بأنه قد يضره أو يؤذيه ويسبب له فى مشاكل هو فى غنا عنها.
ولكنه أمام من هو أقل قوة وأضعف شخصية فى أيا من تلك المجالات والمستويات الدينية
والقانونية والفكرية والأدبية فإنه يريد بأن يدوس عليهم كلهم ويسحقهم سحق، ويمزقهم
شر ممزق. إن لديه هذه النزعة العدوانية التى نشأت معه وهو طفل وتأصلت لديه، وأنه
بذلك يجد بأن يحقق الكثير من المكاسب، فى غفلة عن الناس والمجتمع، الذى أنخدع فيه.
إنه يحاول بأن يخفيها من الآخرين، ولكنه وجد بأن الحياة غير ذلك، أنه تعلم الكثير
من المجتمع ومن الناس، أشياء كثيرة لم يراها أو يجدها فى أسرته وأهله الذين ربوه
ونشأه بينهم وعلموه وتركوه بعد ذلك يواجه الحياة بمفرده. أنه الآن فى مرحلة مبكرة
بخلاف باقى أقرانه، لدرجة أن شعر أبيض اى شاب قبل الأوان كما يقولون وهو فى مقتبل
العمر، بمراحل كثيرة عن المفوض أن يكون عليه الوضع. فإن الشيب او الشعر الأبيض غزا
شعر رأسه بل كل جسده، وليس فقط شعيرات قليلة وإنما بكثافة، وهو مازال فى العقد
الثالث من العمر، إنها لذلك قد تكون إحدى الأسباب التى أدت إلى هذا الشعور بالحقد
على المجتمع الذى جعله فى هذا الوضع، أن المعاناة والمسئوليات بدأت معه فى مرحلة
مبكرة من الحياة. إنه لم يتمتع بما تمتع به الكثير من أقرانه فى نفس سنه، فهو لذلك
يحاول بأن يقوم بهذا الدور الآن. وينتهز الفرصة كلما أتيحت له. لماذا لا؟ ماذا سوف
يخسر أكثر مما خسره؟ هذا هو تفكيره الذى أهتدي إليه، أنه لم يمارس اللعب واللهو
مثله مثل باقى أقرانه الشباب فى مراحل حياته المبكرة، فليفعل بعضا منها الآن.
وينظر إلى الآخرين نظراته الحاقدة الساخطة المتمردة ولديه المبادرة العدوانية لما
أو لمن يقف فى طريقه، فإن الآن أصبح وحيدا، بعد أن تخلوا عنه الكثيرين ممن كانوا
عنه مسئولين، وله يلومون ويعاتبوه ويوبخوه، ويريدوا له النضج والوعى والفعل
الصواب، ليس فقط بالكلام ,غنما فى بعض الأحيان بالعقاب المادي والمعنوي. أنه قد
أصبح حرا الآن، طليقا لا يستطيع أحد بأن يصوب أو يصحح تصرفاته، أنه قد أصبح حرا من
كل تلك الضوابط القاسية من المسئولين الذين رحلوا عن عالمنا وتركوا الحياة بكل
مشاكلها وآلامها وأحزانها واتراحها. أنه أصبح يشعر بلذة غريبة جمليه حين يمارس هذا
التمرد، ويتصرف بشكل أخرق وطيش أمام الآخرين، وخاصة هؤلاء الذين لا يستطيعوا بأن
يفعلوا شئ، حيال ذلك، أنه يستمتع أيضا برؤية عجز مقهورين أمامه، وهذا فى حد ذاته
انتصار وفوز كبير له. فلن يستطيعوا بأن يوبخوه أو يأنبوه على ما يفعله. أن ينطلق
هيهات هيهات بأن يلحقوا به. أنه أخيرا أصبح سعيدا فى هذه الحياة التى قاسى منها
الكثير، ومازال رغم ذلك يقاسى من ترسبات الزمن فيه.



 







أصبحوا
اثنين وأكثر



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 







أصبحوا أثنين … وهناك أكثر



          انه يستلم تلك الرسالة من صديق عزيز
عليه فى مدينة أخرى، وأنهم قد عاشوا سويا منذ الصغر فى مكان واحد، وفرقت بينهم
الأيام، ومشاغل الحياة، وإنهم تخرجوا من الجامعة سويا، وحدث هذا الافتراق فلم
يعدوا كما كانوا دائما منذ الصغر، فى حى واحد، أو حتى فى مدينة واحدة، وإنما فى
مدينتين مختلفتين تبعد كل واحدة عن الأخرى آلاف الأميال. وأنه بعد أن تخرج بدءوا
يبحثوا عن وظيفة ذات مرتب مغرى، ووفق أحدهم ولم يوفق الأخر. أن لكل منهما طموحاتهم
الكثيرة التى تحدثوا عنها لكى يحققوها، ولكن الأولويات بالفعل فرضت نفسها، ورضوا
بذلك، وأصبح الشغل الشاغل هو الحياة المستقرة الهادئة النموذجية من حيث الفئة
المتوسطة، والتى فيها العمل والبيت والأولاد وقضاء الوقت فى الزيارات للأهل
والأصدقاء. وبذلك فإن الأولويات فرضت نفسها وأصبحت هى التى تحكم. ولكنه صدم بقسوة
الحياة ومتاهاتها. أن يرسل هذه الرسالة لى ويريدني بأن أبحث له عن وظيفة ما أو أية
عمل من خلال علاقاتى فى وظيفتي المرموقة، التى أتمتع بها الآن. حيث إنني فد قضيت
إجازتي الأخيرة فى هذه المدينة التى ولدت ونشأت بها، وقابلت فى هذه الزيارة
القليلين مما كنت أعرفهم فى السابق، حيث أن أغلبهم قد مرت عليهم عجلة الحياة
الطاحنة، والظروف القاسية التى لا ترحم من يواجهها، وانتقلوا إلى مدن أخرى، أو حتى
بلاد أخرى وشغلتهم الحياة بمسؤولياتها والتزاماتها الصعبة. وكان هذا الصديق العزيز
هو ممن لم يجد أو يوفق فى فرصة للابتعاد عن الحى، وظل فى نفس موقعه، وقد أصبح بذلك
وحيدا رغم ازدحام الحى أكثر مما كان، و لكنهم كلهم غرباء، لم يعتد التعامل معهم،
أو حتى التعرف إليهم بالسهولة التى كانت فى السابق، حيث الحياة البسيطة الهادئة
الآمنة. ولكنه يسعى ألن فى هذا الصدد، ولماذا يبقى هو، وما هو الذى يربطه بالمكان،
إذا وجد شئ أفضل فى عمل أو حياة أفضل مما هو فيه. وطالما أن الكل قد رحلوا أيضا
سواءا بشكل دائم أو مؤقت، فليفعل مثلهم، ولكن الظروف لا تتوافر لديه. فإنني قد
أعطيته عناويني الذى راسلني عليه، وبعث إلى هذه الرسالة والتى فيها بعد السلام
وسرد بعض الذكريات، فإنه سألني بأن أفي بوعدي له، بالبحث له عن أية عمل مناسب، أو
حتى غير مناسب إن لم يتوفر ذلك الآن، فيمكن بأن يحاول هو إكمال الطريق والمشوار أن
أتحت له الفرصة، فى أية مصلحة أو شركة أو مؤسسة، يمكن بأن يجد فرصة عمل بها.
ووصلني خطابه هذا الذى يذكرني فيه وكان معه خطاب أخر فى نفس صندوق البريد الذى
استلمت منه الخطابين. وعندما فتحت الخطاب الثانى كان عبارة عن خطاب شكر وتقدير على
الفترة التى قضيتها فى خدمة تلك الشركة التى استغنت عن خدماتي لديها، لأصابتها بالخسارة
المادية الكبيرة فى الفترة الأخيرة، من جراء القيام بإحدى تلك الصفقات التى أدت
إلى تقليص عدد العاملين لديها، وكنت أنا أحدهم. وبعد أن كان البحث عن وظيفة واحدة،
أو عمل واحد لشخص واحد، فقد أصبحوا أثنين، وأكثر.



حوار زمان وحوار اليوم



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 







حوار زمان واليوم



 



زكى : ما هذا الذي يحدث هذه الأيام من كل تلك الأزمات (الاقتصادية)
التى نمر بها، وهذه الضغوط التى تتواجد فى المجتمع من شكاوى ليس هناك أحد بعيد
عنها.



 



شكرى : ألا تعلم بأن هنا الوضع الحالى بما فيه من روح اجتماعية وترابط
بين الناس، سواءا للعائلة الواحدة ومع الأقرباء والجيران وأهل الحى، وأننا نستطيع
بأن نعيش فى هذا الوضع الاقتصادي المتأزم، ولكن لا نستطيع بأن نعيش فى الوضع
الاجتماعي المتأزم. أن تجد نفسك فى صحراء اجتماعية رغم تواجد البشر وهذا الازدحام
الشديد. تراهم جماعات ولكن قلوبهم شتى.



 



زكى : كلام فاضى … كل هذا هراء… ليس هناك شعب تستطيع بأن يكون له
كرامة، أو دولة تحافظ على نفسها، وعلى أراضيها، أو أن يكون هناك رأى حر إذا لم يجد
خبز أو لقمة عيشه.



 



شكرى : أسمع يا زكى، النماردة وضع مختلف، وزمن سوف يمر ولن يعود مرة
أخرى، أذا تغير أو أذا تغيرت أنت، أنها مرحلة الخيار الصعب، أما أن تصمد أمامه
التيار الذى يدفعك معه فى طريقه، أو أن تصمد أمامه، وأن تعرف كيف يكون ذلك،
بالذكاء والحكمة والتكاتف والكفل ومعرفة التعامل مع الظروف التى نمر بها.



 



زكى : بلاش فلسفة الله يخليك … يافوق يا تحت، ليس هناك وسط. وتحت صعب
قوى، وليس هناك من يستطيع بأن يصمد أمام قسوة الحياة والمعاناة مع الفقر والحرمان.
وسوف تتحطم كل تلك ا لمثل التى تريد أن يحافظ عليها هؤلاء الذين ليس لديهم مقومات
الحياة.



 



شكرى : أنها مرحلة الحرمان الكاذب، مثل الجوع تمام، حين يكون الإنسان
جائع فأن يشتهى الطعام، وترى الطعام بكافة ألوانه وأشكاله، وتشم الرائحة من بعيد،
ولكن حين ترى الطعام، ويقدم إليك، فإنك لن تأكل منه أكثر من معدتك، هذا إذا أكلك،
وكان لديك الصحة التى تجعل الطعام شهيا، وسوف تشعر بعد ذلك بالتعب الشديد، من جراء
التخمة التى أصابتك، لانهماكك الشديد فيه، أو بالخزى ممن دعاك إليه، لتلهفك
وإقدامك الشديد عليه.



 



زكى : وهو كذلك، إصرارك، ولكن 
يبدو بأنك شديد اللهفة، وأن أحدا لن يستطيع بأن يقنعك بالعدول عن رأيك،
وأنك لا تستطيع فيما يبدو مقاومة هذا التيار الشديد الذى يجرفك معه، نحو الهواية،
والأيام بيننا.. سير مع التيار… وإن كان هناك نصيب فى اللقاء مرة أخرى، فالأيام
بيننا، سنتقابل بعد مر السنين … وكما يقولون المياه تكذب الغطاس، أو مسير الحى
يتلاقى … والدنيا صغيرة.



 



ومرت الأيام، تجرها السنين، وانقضت تلك المرحلة أو الفترة التى أفترق
فيها الجمع، واختفت تلك العلاقات الحميمة بين الناس، وأفراد الشعب بمختلف طبقاته
الاجتماعية والعلمية، … وحدث ذلك الاختلاف الرهيب فى تلك المرحلة الجديدة … وانتهت
الحرب … وبدأ الانفتاح على العالم… وبدأ الرخاء الكاذب يحل تدريجيا .. واختفى
الخاء المعنوى الصادق، … وأصبح المجتمع يعيش فى تلك البرودة الشديدة القاسية
المستوردة من الغرب، فى علاقاته الاجتماعية … رغم حرارة الجو الحارقة الخانقة. بعد
أن مرت تلك المرحلة من النشوة المزيفة، والمظاهر الكاذبة، والحلم الجميل والأرض
المفروشة بالورود والزهور والرياحين، لمرحلة العبور نحو هذا الوضع الجديد. أنه
الوهم الجميل الخادع الذى لم يتحقق فيه إلا أقل القليل، … وتراه كثيرا وفيرا … من
خلال وسائل وقنوات التكبير والتضخيم والتفخيم. وعاد الفكر الصحيح من جديد … وتيقظ
الضمير على صدمة تكاد تؤدى بالفرد والمجتمع نحو الهلاك الأكيد، وهاوية ليس منها
نجاة إلا بستر ورحمة من الله.



 وعاد اليأس يقتحم على الناس
فى المجتمع حياتهم، الكل يطرق أبواب الرحمة المفقودة.



 



وعاد الفكر الصحيح من جديد، أو نظرا لعدم وجود مخرج إلى من هذا الباب،
وتيقظ الضمير الحى على صدمة تكاد تؤدى بالفرد بل والمجتمع بأسه إلى الهلاك الأكيد،
وهاوية ليه منها النجاة.



 



وحدثت تلك ا لمقابلة الأخرى، بعد مرور كل هذه الأعوام التى انقضت بشكل
سريع عجيب، وتسارعت فيه الأحداث، وحدثت فيه الكثير من المتغيرات والتطورات
والأزمات والتغيرات السياسية والاقتصادية وفى كل المجالات، وحتى البشرية، من أجيال
جديدة.



 



شكرى : أيه رأيك يازكى الآن فى كل ما قد أصبحنا فيه، أو أصبحت أنت
فيه، بمعنى أصح، هل هذا هو الذى كنت تحلم به، وهل حققت ما طلبت وتمنيت.



زكى : أسكت ياشكرى .. أيه الغلب اللى إحنا فيه ده .. أين الطيبة التي
كانت فى الناس، أين البساطة.. أين تلك العلاقات الحميمة التى بين الناس وليس من
وراءها غرض أو مصلحة. الناس بتجري وراء الفلوس والمصالح وبس. أصبحوا مثل الآلات
ليس لديها أية مشاعر أو أحاسيس. أين البركة فى الرزق وفى كل شئ… الناس مرضى ملئوا
المستشفيات، والمصحات. والبيت لم يعد له دور، وأصبح هناك فراغ كبير، وأصبحنا نحن
كذلك فراغ ونعيش فى فراغ. ألا ليت أيام زمان الحلوة تعود!!! (أم أنها نارين؟ نار
زمان ونار اليوم).



شكرى : أو ليس هذا الذى كنت تحلم به، وتسعى من أجله، وتنادى به،
وتريده بأن يتحقق. ها هو قد تحقق، ولكنك أصبحت أيضا تشكو الآن. أنه تغير الأحوال
والأوضاع الجميلة منها، إلى الأوضاع القاسية. إنها الأوضاع والأحوال السهلة
البسيطة وما فيها من انتعاش، وكل ما يمكن بأن نراه من تلك الظروف المتغيرة. إنها
الأفكار التى قد ترد إلى الذهن بين الوقت والآخر.



إنه الحديث الذي يدور بين الناس حين الاختلاط مع الآخرين، وفقا للكثير
من الظروف، وما قد يكون هناك من مناقشات، أو فتح للمواضيع المعينة والمحددة، بحيث
ما قد يدور من آراء وأفكار وأحداث وذكريات، وما قد يثير ويلهب المشاعر والأحاسيس،
ويخلق من الأفكار الجديدة، وما يتبلور عنه من وجهات نظر مختلفة. وما قد يحدث من
تطورات وما قد يوضع فى موضعه الصحيح من الأهمية المطلوبة، أو نجد بأنها قد أصبحت
فى طي النسيان، وأخذت شئ من اللامبالاة، وفقا للأهمية والأولويات التى قد تعتريها
فى تلك الفترة واللحظة الراهنة. أنها تلك الخلفيات التى قد تحدث فيها كل تلك
المناقشات فى جميع الأمور. وما قد يحدث من شحن للأفكار والهمم، وما قد يشحذ الفكر
نحو تحقيق بعضا من تلك الأغراض والأهداف المحددة. ووفقا للاتجاهات الفكرية
المتباينة، وما قد يكون معتادا أو مألوفا، وقد يحدث من تغيير وانقلاب فى الفكر
والرأي الذى قد نضعه فى الحسبان، ومحاولة أن تسير الحياة فى الأتجاة المناسب
والملائم، وفقا لكل تلك الأوضاع المستجدة، وما هو صعب المراس، وما قد نجده قد تغير
وتبدل من ثوابت، وما نحتاج إليه بأن نضعه فى الحسبان. وما كل تلك الإجراءات الآمنة
فى السير قدما نحو الوضع الأفضل، وتحقيق أفضل وأحسن ما يمكن من مستويات معيشية على
المحيط الداخلي، والإقليمي، وما قد تصل إليه من نجاح يشتهر به ونعتز به، ونفخر
بذلك الوضع المستجد، والذى نال التقدير والإعجاب، كما يجب بأن يكون عليه الوضع
المتوقع والمنتظر، المنشود، وتكرار أفضل ما قد تم إنجازه فى نفس هذه المسارات
وتكرار نفس الوضع قد الإمكان.



 



زكى : ما هذا الذي يحدث هذه الأيام من كل تلك الأزمات (الاجتماعية)
التى نمر بها، وهذه الضغوط التى تتواجد فى المجتمع من شكاوى ليس هناك أحد بعيد
عنها.



"ليس
لهم طعام إلا من ضريع، لا يسمن ولا يغنى من جوع"



(تمت)



 







دوامة الحياة



حسيب : أين أنت الآن؟



طاهر : أنا فى المحل الفلانى …



حسيب : وبتعمل آيه؟



طاهر : بشتغل معاهم؟ أصبحت موظف علاقات العملاء!



حسيب : شغله كويسه، مش كده



طاهر : يعنى! أهو حاجة الواحد يشغل بيها نفسه والسلام، وفى نفس الوقت يكسب
له بعض المال.



حسيب : الله معاك! إذا وقتك أصبح أكثر أهمية عما سبق؟ أليس كذلك.



طاهر : أنت تراه مهم، وأنا أراه متعب، وليس هناك حلاوة بدون نار كما
يقولون، وبالطبع أفضل من الكسل والملل بكثير. أن تتعامل مع الناس من كل الفئات
والمستويات والأخلاق شئ ليس بالسهل.



حسيب : أيدك على الحلاوة. ولا فيه عزومة، غذاء ولا عشاء



طاهر : أسمع ياحسيب، أنا لفيت العالم، وزرت مدن وبلاد كثيرة، وعايز أستفيد
من الخبرة ده. هما مش بيقولوا أن السفر فيه سبع فوائد. لابد من ان يعطى الأنسان
بعد أن أخذ، وانه الوقت الذى أتيح لى للأستفادة القصوى والتى تعود على المجتمع
الذى أعيش فيه، ولا عندك رأى ثانى.



حسيب : كلام كويس جدا، ولكن أنا زيك، أزى ممكن الاستفادة من هذا الخبرة
التى لدى!



طاهر : أنا فكرت فى الموضوع ده، ووجد أنه من خلال وضع جدول مقارنات بين
المجتمع الذى أعيش فيه دلوقت والمجتمعات الأخرى اللى قمت بزيارتها، وتعرفت على
الكثير من لتك الجوانب المختلفة، وهنا وهذا هو ما يحدث دائما من محاولة أخذ ما
نجده مناسبا، ومتامشيا مع عادتنا وتقاليدنا، من تلك الأنجازات الحضارية، أو
الأساليب المعيشية، والأنماط البشرية. وكيف يمكن بأن نواكب ويكون لدينا أشياء
مماثلة، ونترك كل ما قد يخالفنا فى عاداتنا وتقاليدينا وقيمنا التى نحافظ عليها فى
مجتمعاتنا العربية والإسلامية.



حسيب : فكرة مدهشة ومنطقية، ولكن التنفيذ، هذا هو المهم. لابد من معرفة
الإجراءات والخطوات المطلوبة لتحقيق هذا الذى نسعى من أجله.



وتدخل هنا خيرى
للمناقشة..



خيرى : أنهم أقوى منك ومنى، ومها تعمل فإنك لن تحظى بالرضا السامى من
حضراتهم، لتنفيذ مشروعاتك التى تريدها بأن تعود بالنفع والفائدة على المجتمع. انك
فى وادى وهم فى وادى آخر. أننا نعيش اليوم عصر مختلف، عصر القوة والبقاء فيه
للأقوى، أننا نجد كل فترة مرحلة جديدة من الأحداث فيها دائما ضحايا جدد. فإنك مهما
فعلت سوف يأتى دورك وينتهى أمرك، وتصل إلى نهاية المطاف خالى الوفاض، مع الفشل
الذريع، أو العجز الشديد عن القيام بما تطمح فيه وتشدوا من أجله.



حسيب : ولكن دائما هناك حل، لأية معضلة أو مشكلة تواجنا يوجد حل. أنه
بالعقل الذى أعطانا اللهأياه لنفكر به، وسوف نصل بدون شك إلى علاج لما آل إليه
الوضع المتدهور، ويستتب الأمن، ويزول الخطر الذى نحن فيه، ويعود كل شئ إلى حاله
كما كان، من أمن ورخاء ينعم به الجميع.



طاهر: كلام نظرى، وسهل الخوض فيه، أننا فى واقع مرير، وتصرفات أقل بكثير
مما هو متوقع، من تنفيذ لكل تلك الخطوات اللازمة، وما يلزمها من إجراءات تدعمها
وتؤيدها لابد من القيام به.
خيرى : لا ياسيدى !  المعذرة
!
  أننا لم نصل بعد إلى طريق مسدود.
وأتحداك إذا أصبحنا فى وضع أسوء، فإنه التطور البشرى الذى دائما يقدم الأنجازات
الحضارية، ويبدع ويعطى أروع ما عنده. وهذا هو الذى يساعد على النهوض بالأمة. أننى
حين أتحدث لا أتحدث عن فرد وإنما أتحدث عن الجماعات التى تعطى وتفكر وتعمل وتنتج،
وعن علاقات تتخطى الحواجز والحدود، والتى تتواجد من خلال الماديات والمعنويات.
أنظر إلى ما وصلنا إليه الآن، مقارنة مع قرن من الزمان مضى. أنه فرق شاسع…



وهنا أنتهى الحديث
ومعروف الباقى لدى الكثيرين. ولا داعى للمزيد من
 
التكرار…. هذا ما أنهى به خيرى حديثه، وذهبوا كلا فى طريقه وأندمج فى دوامة
الحياة.
 



 



 







هل
فهمت؟؟؟؟؟



سامح : الواحد بيعمل أيه؟ أنا عرفت ليه الناس فى زهق وطفش، الواحد جالس يدور
على حاجة كويسة يعملها، ويستفيد ويفيد. الواحد أتعلم أنه ممكن يكون مشغول، ولكن
على الفاضى. وده شئ شئ له مميزاته وعيوبه؟ مميزاته أنك تحافظ على حيويتك ونشاطك،
وأهتماماتك، ولكن عيوبه قد تبدو بالفعل خطيرة، وهو أنه قد يبتعد عن المجتمع
والناس،و القضايا الحيوية فى المجتمع الذى يعيش فيه، وكل ما له نفعه وفائدته، فى
المجتمع والمحيد الذى يعيش فيه.



فريد : ملكش دعوة بحد، أنت أعمل على عليك، وسيب الباقى على الله. وطالما أنك
عايش مستور والحال ماشى، عايز أيه تانى؟. أذا كان فيه شئ أفضل خير وبركة، ما فيش
خلاص ها تعمل أيه. هى الدنيا كده. أرضى باللى مقسوم لك تعيش سعيد وفى أمان.



سامح : ما أنا عارد ده كويس قوى، ولكن فين الغطاء الاجتماعى والضمانات التى
تصنع الإنسان وتضعه فى مستواه بين الناس، أو تدربه وتعلمه، ولا يشعر بأنه قد أصبح
وحيدا أو فى عزلة عن المجتمع. وأنه فى وادى والدنيا فى وادى تانى.



 



فريد :   أسمع الكلام
اللى ها قوله لك، وحطه حلقه فى أذنيك جيدا. أولا عندنا حاجات كثير عايزين نحققها،
ولكن فيه عوامل كثيرة لابد من توافرها. وبعد ما تحقق أيضا فيه أشياء لابد من
تواجدها، للحفاظ على ما قد تم الوصول إليه.



سامح : الواحد زهقان مش عارف يعمل أيه؟ مطب أو ورطة ووقعت فيها، ومش عارف
اخرج منها. أنخداع دائما بكلام معسول مسموم من حولك، أستفادوا هم وأذوك، بشكل غير
ظاهر أو محسوس. أخذوا كل اللى عندك وأهملوك. الأنتقال من مرحلة إلى أخرى مش
بالسهولة المتوقعة. على كلا الواحد صابر وراضى. مافيش حاجة تانية الواحد يقدر
يعملها، ولكن السعى قدر الأمكان فى كل ما هو فى الأستطاعة بان يقوم به المرء فى أى
شئ يمكن بأن يعود عليه بالنفع أو الفائدة، أو حتى يشغل وقته فى شئ لا يؤذيه.



فريد : أيه اللى بتظن أنك تقدر تعلمه وما عملتوش، عايز يكون عندك شركة فى وسط
البلد أو شارع تجارى عام، أو تمتلك مصنع أو سوبرماركت، أو حتى بقاله، أو أية مشروع
تجارى ناحج؟



سامح : وليه لاء يا أخى! آيه المانع، الناس اللى عندهم الحاجات ده أحسن مننا
فى أيه، وزى ما وصلوا نوصل أحنا كما، زى ما تعبوا نتعب أحنا كمان، اللى أعطاهم
يعطينا، وهل هم عملوا المتسحيل ولا المعجزات. أحنا مش زى البعض بنحسد ولكن نتمنى
لهم المزيد من النجاح والازدهار فى مشاريعهم، ونسأل الله العطاء لنا من معمه
وآلاءه، وهذا شئ محمود وليس مذموم. وهو أنا بأطلب حاجة النهاردة وعايز ألاقيها
غدا، لا وإنما نسعى ونحاول وأسعى يا عبد وانا أسعى معاك. وأحنا عارفين أنه لابد من
أن يتم كل شئ حاجة حاجة وخطوة خطوة، وها نوصل بإذن الله، وكن مع الله تربح وتكسب.
ومعروف بأن البداية دائما هى المشكلة والمعضلة والشئ الصعب، ولكن دائما التغلب على
هذه المرحلة الأولى، وكل ما فيها من خوف وقلق، وهذا شئ نابع من توقع الخسارة وفشل
المشروع، وذهاب المال والجهد هباءا منثورا.



وهنا يتدخل رشيد ويحاول بأن يلفت
ألنتباه إليه.



رشيد : ممكن أتكلم فى السياسة شوية بدون عصبية أو نرفزة، وأن تتحلوا بالصبر
والروية شوية!



سامح : لأ ما أسمحش
لك، الكلام ده ممنوع مطلقاً. زى ما أنت عارف فيه حاجات كتير لازم نتجنبها، ونبتعد
عنها، وزى ما بيقولوا أبعد عن الشر وغنى له. أحنا مش ناقصين قلق وقلة راحة وإزعاج
على الفاضى.



فريد : لم يعد هناك امان، الواحد إذا سافر لأية سبب مدة طويلة نوعا ما،  أو فى بعض الأحيان مدد قصيرة متتابعة، فإنه قد
يعود ويجد هناك من بدء بتهديده فى أستقراره وأمنه، وحياته. هناك من يحاول بأن
يتحين الفرصة للتعدى على ما قد يجده متاحا متوافرا بأية شكل من الأشكال، وتحت
العديد من الأسباب التى قد يتم الأخذ بها بالقوة من خلال أقتناع البعض بها.



رشيد : كذلك هناك الظاهرة الجديدة المرعبة التى يخاف منها الكل. وإنها
الظاهرة التى فى بعض الأحيان قد أصبحت سبب للتعدى على خصوصيات الناس. إنهم ربوا
الرعب فى قلوب الناس، بعد أن كانوا يعيشوا فى أمن وأمان وأستقرار، أصبح هناك هذا
الوضع الخطير الذى قد لا ينجوا منه أحد. أنها الأعصاب التى أصبحت متوترة بشكل
خطير، وتوقع ألأذى والضرر بين الحين والآخر.



سامح : يبدو بأنك تهتم كثيرا، بوسائل الأعلام المختلفة المتنوعة، وهى التى
تقوم بعمل غسيل مخ أو شحن العقل البشرى بكل تلك التوترات، وبما قد يستغله البعض من
أجل تمرير ما يريده من سياسات وأتجاهات وتيارات فكرية معينة ومخطط لها، والتى
تحتوى على كل هذا الكم الهائل من المخاوف والرعب الذى تتحدث عنه. إنه تماما مثل
الأكل والطعام الذى نتناوله، الكثير من النشويات والدهنيات والسكريات، وأبقى
قابلنى لو قدرت تحافظ على توازنك، وتنجو من تلك الأمراض المهلكة بمختلف ….



وهنا يحاول فريد أن
يقاطعه الحديث ويتدخل ليضيف شيئاً، ولكن رشيد يسبقه إلى الحديث متجاهلا أياه.



رشيد : أسمعوا يا جماعة الخير، العملية كلها تسير بشكل عشوائى خطير، وكلا
يحاول بأن يحلل الأحداث وفقا لهواه، وفكره ومعتقداته ووجهات نظره، وهذا من الأسباب
التى أدت إلى ذلك، وقد يكون بعيدا كل البعد عن الحقيقة، ولا أحد يستطيع بأن يقول
شيئا لأنه كذلك مثلهم، يوافق أحيانا ويعارض أحيانا أخرى. ولا أحد أصبح يدرى شئ وما
الذى يحدث من حولنا….



فريد : انتم ياجماعة عندكم أستعداد كبير لأن تؤدى أدوار هامة فى الحياة، وأن
تكونوا فى العمق وليس على الهامش. عندكم خبرة فى الحياة، وكل ما فيها من صعوبات
وما قد مر بكم من مصاعب ومشاكل وتعقيدات، والناس الكويسه عرفتوهم، والناس إللى
بعدتم عنها برضه عرفتوهم. وكما يقولون الطيور على أشكالها تقع. هذه هو القت
المناسب الذى يمكن الأستفادة منه، فيما هو لديكم من كل هذه الخبرة، بالأضافة إلى
المعرفة والحكمة. أنتم سافرتم دول كثيرة، وكما يقولون فى السفر سبعة فوائد، وكذلك
قرأتم كتب كثيرة، وأتمرنتم وتدربتم على حاجات كثيرة. بدون أدنى شك لديكم علاقات
ومعاملات منها ما نجح ومنها ما فشل، وعرفتم
 
الحياة على حقيقتها وليس مجرد أشياء نظرية كما كان ذلك فى مراحل العمر
المبكرة، حيث ضحالة المعلومات وقلة الخبرة بالحياة. أنه الآن بعد حدوث كل هذا
الأصطدام بالوقع المر الأليم، والحسابات الصعبة والمعقدة، فى الأخذ والعطاء،
والتوقعات التى تحققت والتى ذهبت أدراج الرياح. وهذه هى سنة الحياة.



 رشيد يحاول بأن يتدخل فى الحديث مرة أخرى،
ويحاول بأن يقاطع فريد، وهو فى حالة نفسية متوترة الأعصاب.



رشيد : الكلام أللى بتقوله ده معروف، وأحنا فى وضع لم يعد كما كان فى السابق،
أننا الآن فى مرحلة العطاء، وكنا فى السابق فى مرحلة الأخذ والأستيعاب. وهناك
سيكون الوضع أكثر صعوبة، حيث لن نجد الدعم اللازم، أو التأييد حتى نعطى نتاج
خبرتنا للآخرين من العلم والمعرفة التى لدينا.



سامح : الكلام سهل ولكن التنفيذ صعب، وده شئ أظن كلنا مررنا بذلك. أنها نفس
المشكلة دائما التى تحدث مع أية فرد، يريد بأن يبدل حاله من حال إلى آخر أفضل.
ولكنه قد يجازف بالاقدام، وقد يكون هناك مخاطر تؤدى إلى حدوث الفشل البسيط أو
الذريع، وتحقيق خسائر جسيمة، وهذا ما لا يحمد عقباه فى نهاية المطاف. فلابد من
الحرص والحذر فى الخوض فى مثل تلك الأمور التى قد تبدو سهلة هينة، ولكنها السهل
الممتنع كما يقولون. والظاهر شئ والقيام بالمهمة شئ آخر.



وهنا يختتم فريد
الحديث بقوله….



فريد : ليه لما بأخطأ أو أقع فى زلة أجد العقاب الشديد ممن الناس كل الناس
أغلب الناس، ويكون بشكل متوقع ومنتظر، وأرى الغضب على الوجوه، وليس هناك من يعذر
أو يحاول بأن يعالج الوضع بشكل سليم حكيم، وأجد الكل يخوض مع الخائضين فى هذا
الوضع المذل المرير. ولكن لما أحقق نجاحا ما وانجازا وأتوقع المكافأة، على ما تم
القيام به، والرضى وتغيير الحال للأفضل لا يحدث ذلك، وانما أرى السخرية أو
الاستهزاء أو العجز عن عدم القدرة على الجزاء العادل لما تم تحقيقه، واختلاق
الكثير من الأسباب التى قد تقلل من شأن هذا النجاح، وتحقيق هذا الانجاز البسيط
والصغير أو الكبير والصعب. لماذا هناك فرق شاسع، انه طمع الناس واستغلالهم للفرص …
وليس لديهم شئ يعطوه … فإنهم حين يعاقبوا يشعروا بأنهم كبار، وهذا سهل للجميع،
ولكن حين يحاولوا بأن يكافأوا لا يجدوا شئ أو لم يعتادوا على ذلك، أو أنهم لا
يجدوا شئ، وأنهم عاجزين عن العطاء المناسب فى المكان المناسب.    هل فهمت؟؟؟؟؟







جيل وجيل



(جيل اليوم وجيل الامس)



يا ولد !!! بلاش الشغل بتاعك اللى بتعملوا
علينا، احنا مش صغار نصدق كل اللى بتقوله لنا، … ولا يدخل عقل إنسان… أنت شايف
نفسك مظلوم، وأنت لسه ما بدأت حياتك، وشفت الصراع اللى على أصوله وحقيقته، فى هذا
الزمان اللى أحنا عايشينه، أنت عايش أحسن من غيرك كثير. ده أحنا علمناك إلى أن
تخرجت، وعندك السيارة من أيام الجامعة، اللى ما كان أحد يحلم بيها الا لما يتخرج
ويتوظف ويشتغل، ولحد ما يلم من راتبه بعد سنه أو سنوات، يبدأ يفكر فى شراء سيارة،
وممكن تكون بالتقسيط كمان، ولكن أنتم لا دفعتم حاجة من جيبكم، أو مصروفكم، ودائما
كل حاجة أصبحتم تجدوها بالساهل. البابا بتاع أنت، والماما بتاعت حضراتكم، بتوفر
لكم كل اللى أنتم عايزينه، وعايزين كمان تسافروا فى الأجازات جوه وبره، وكما
تتزوجوا والشقة، وكل متطلبات الحياة، التى كانت فعلا معاناة وتعب، أصبحتم أنتم
بعيدين عنها. أحنا ياولد، الجيل بتاعنا اللى شاف الغلب على أصوله، والحياة اللى
فيها أزمات فعلا، وعرفنا قيمة الفلوس، والحاجات اللى أنتم بتتبطروا عليها. أحنا
كنا بندور على شغل فى الإجازات المدرسية، أو إذا ما لاقينا شغل، تمر علينا وأحنا
فى البيت محبوسين، ولا نستفيد منها شئ، من الماديات، إلا أننا كنا نقرأ الكتب
ونحاول بأن نجد أية شئ كويس ممكن نعمله. ولكن أنتم أصبحتم فى الأجازات، إما تسافرا
إلى المصايف الداخلية، وتستمتعوا بالوقت، والهدوء والتغيير. أحنا شفنا الغلب يا
ولدى بالمقارنة بوضعكم اللى أنتم فيه الآن. وروح لأية حد من جيلنا وهو يحكى لكم
أنتم الشباب، بتاع جيل النهاردة، ويسمعوا كيف كانت الحياة أيامنا. أنتم أصبح عندكم
الفضائيات والأنترنت، العالم كله شايفينه وعارفينه، أحنا كنا عايشين مش داريانين
إيه اللى بيحصل فى الدنيا. النهاردة ما أكثر المطاعم والمنتزهات والأسواق الحديثة
على أرقى مستوى. أنتم فعلا وصلتم لحياة الرفاهية، التى كنا نحن ننادى بها، فى
عصرنا، وأشياء كثيرة لم تكن لتخطر على البال. ها تقول أيه، الدنيا إتغيرت، ما هو
ده أحنا اللى بنقوله لك، وعلشان كده لازم تعرف أزى تستفيد من هذا الوضع الحالى
اللى أنتم فيه، بأفضل ما يكون، وليس فقط الشكوى المستمرة وتريد المزيد، وتريد
المزيد…. ربنا يا ولدى يحفظ عليكم هذه النعمة التى أكرمكم بها الله، ويجعلها خير
إن شاء الله لكم، أحمدوا ربنا.
  يا أبويا،
أحنا مظلومين… بس يا ولد روح الله ينور لكم بصايركم، ويهديكم ويصلح حالكم….



 



 



 



 







نجم وترحيب



إنه قد أصبح لا يطيق ل هذا الأهتمام
والأحتفاء به من الجمهور الذى يندفع ويتزاحم على لقاءه ومشاهدته عن قرب، ومحاولة
أخذ بعض الأوتوجرافات (التواقيع أو بعض الكلمات فى دفاترهم الصغيرة). إنه حين يذهب
إلى أية مكان فإنه يلفت إليهالأنظار، ويبدأ الناس رجالا ونساء وشباب، فى الألتفات
إليه والألتفاف حوله، والأقتراب منه. أنه فى البداية كان هذا شئ جميل ومشوق
بالنسبه إليه، ويسعده هذا الازدحام حوله. ولكنه الآن وبعد مرور الوقت، وأنقضاء هذه
الفترة الطويلة التى أستمر فيها بنفس النمط وألسلوب، والذى أصبح عاديا ومألوفا
بالنسبه له، فإنه قد سئم كل هذا الأزدحام من حوله والمهرجان الذى يحدث، ولا
يتركونه يلوذ بنفسه فى هدوء كما كان فى السابق حين لم يكن أحد يعلم به من الناس.
أنه لا يستطيع الحرك بحرية فى أية مكان بدون أن يزدحم حوله الناس ويلتفوا حوله.
إنها ضريبة الشهرة التى يدفعها الآن، أنه قبل أن يصبح نجما مشهورا كان يعلم ذلك،
ولكن ليس يهذه الصورة المزعجة التى أصبح عليها الآن، وهذا الشكل الذى كان جميلا فى
السابق، ولم يعد كذلك. فإنه لم ينعم أبدا منذ ذلك الحين، بعد أن حقق ذلك النجاح
الهائل فى أنجازه العظيم، ونال الجائزة العالمية، التى وصل بها إلى هذا المستوى من
الشهرة، وأصبحت صورة فى كل مكان، حتى أن الدولة أكرمته بأن أصدرت طابع بريدى عادى
وتذكارى عليه صورته، لم ناله وحظى به من تقدير عالمى. أنه لم ينعم منذ ذلك الحين
بالخصوصية فى حياته، فى ذهابه وأيابه وفى معاملاته، وعلاقاته، ومجاملات الناس التى
تحرجه كثيرا، بحيث أن هناك الكثير من يتغاضى عن حسابه، سواءا فى فنادق ينزل بها
حين يسافر، أو ا لمطاعم حين يتناول طعامه، أو حتى بعض تلك المحلات حين يشترى بعض
من مقتناياته. إن الكل الآن يعرفونه، كبيرا وصغيرا، رجالا ونساء، أسمه أصبح على كل
لسان، فى مناقشاتهم وكلامهم، ودائما أخباره تملاء الصحف والمجلات.



إنه كان يفرح فى البداية كما ذكرنا حين
يجد كل هذا الأهتمام من كلا لناس فى كل مكان، وكان هناك فى البداية دائما أيضا
التركيز عليه فى وسائل الأعلام المختلفة.والذى قل وخفت الآن بعض الشى عما كان عليه
فى أوج نجاحه وشهرته. فقد كان رجال الصحافة والأذاعة والتليفزيون يلاحقونه فى كل
مكان، يذهب إليه تقريبا، وذلك بغرض إجراء المقابلات والأحاديت والربورتاج والتى
تتم أحيانا على الهواء ما هو بشكل تلقائى، وما هو مخطط له ومدروس، إنها إما تتم
بشكل يحدد من قبل من أجل المقابلة بمواعيد فى المنزل أو الأستديو وإجراء كل تلك ا
لحوارات التى تتعلق بالكثير من المواضيع العامة والخاص. وإنه إعداد البرامج
اللازمة لذلك بأستخدام كل الفن الأعلامى من تصوير وإخراج، فمنها ما يذاع فى
الأذاعة، وما هو بالتلفيزيون والبرامج الفضائية، والمحطات الأرضية، والمقابلات
الصحفية من أجل الجرائد والمجلات المتنوعة، وأصبحت حتى صورته تظهر فى الصفحة
الأولى وعلى الغلاف. ومازال حتى الن أسمه دائما أو صورته توضع فى كل تلك المجالات
التى لها علاقه بما قد حققه وأنخرط ف هذا االصدد. أنه لم يكن ليتوقع ذلك الحدث الهام،
فى حياته التى أنقلبت رأسا على عقب. أنه حصل على جائزة يندر الحصول عليها، وحضر
حفل التكريم، فى البلد الأجنبى التى تصدر تلك الجائزة، بهذا المستوى، وشرف بذلك
بلاده على أعلى المستويات، والذى يعتبر شئ فريد من نوعه. وجعل هذا البلد معروفا
عالميا، بألقاء الأضواء عليه بشئ يشرف، وهو ما يندر هذه الأيام التى أمتلئت
بالأخبار الغير سارة، من أجل التعرف على ما يحدث فى الكثير من البلدان. وأصبح أسمه
وأسم بلاده يذكر فى تلك المحافل الدولية، وأنها الضجة الأعلامية التى لم يكن ليحلم
بها وأن يصل إلى ما وصل إليه من هذا الأنجاز الحضارى المشرف. إن لكل شئ فى الوجود
مميزاته ومحاسنه وعيوبه ومساوئه، وكما يقولون ليس هناك حلاوة بدون نار، ومن أراد
العلا سهر الليالى، وبغير جد لن يكون هناك مجد. إنه بالفعل تعب كثير، وبذلك الجهد
المضاعف من أجل أن يصل إلى ما وصل إليه، وما يسعى إليه دائما إلى أن يكون فى
المقدمة، قدر الأمكان، ولكن ما قد حدث إنما هو ما يشبه المعجزة، وأنها أرادة الله
الى ساعده، وأسعى ياعبد وأنا أسعى معاك. وإنها قد تكون المرة الوحيدة التى يجد
بأنه محظوظ فى هذه الدنيا، والتى أعطيته، ولم تبخل عليه فى هذا النجاح الفائق الذى
وصل إليه. إنه كان يشعر بسعادة كبيرة حين كان يجد بأن هناك يذكرونه أو يعرفونه وهو
لا يعرفهم، أو حين يجد بأن هناك أية من تلح المقالات التى كان يرسلها إلى الجرائد
والمجلات تنشر، فيشعر بالسعادة التى تغمره، وأيضا حين كان يتواصل مع تلك القنوات
الاذاعية أو ا لتليفزيونية، من أجل المداخلة والمشاركة فى البرامج التى تعطى
المجال لذلك من خلال الأتصالات التليفونية أو حتى تلقى الرسائل. إنه كان كمن يشتم
رائحه الشواء، ولكنه الآن لم يعد كذلك، فقد أكل وشبع، بل وأصابته التخمة التى
بلاشك هى تزعج وتسبب المشكلات اكثر مما قد تنفع وتفيد بشكل أو بآخر.



 



 







الفهرس



 







































































 



أصبحوا
اثنين وأكثر



 



 حوار زمان واليوم



 



فترة زحام … إلقاء الأضواء



 



آلو... آلو.... الكرة الأرضية



 



حوار مع صديق



 



ما هذا الذى يحدث



 



رحلة ليلية قبل منتصف
الليل



 



صرافة وبشر



 



من يطرق … أبواب السماء



 



دوامة الحياة



 



هل فهمت؟؟؟؟؟



 



جيل اليوم وجيل الامس



 



نجم وترحيب



 



 



 



 



 



 






 



 



 



 



 



مطبوعات صدرت للمؤلف (باللغة العربية)



















































1



(واحة إلهام وفنان    
(شعر



2



(أزهار
الربيع شئٌ بديع
     (شعر



3



(زمنٌ عجيب نعيش فيه     
(شعر



4



كيف أصبحنا، بعدما أمسينا      (شعر)



5



(كيف أصبحنا، بعدما أمسينا      (شعر



6



لقاء بعد طول فراق      (شعر)



7



(نفوس تسمو على زهو الدهور       (شعر



8



لحن ونحن معاً على الطريق       (شعر)



9



رحلة
ليلية قبل منتصف الليل
(مجموعة
قصص قصيرة)



10



فترة زحام … والأضواء (مجموعة قصص قصيرة)



11



أصبحوا
اثنين وأكثر
(مجموعة قصص
قصيرة)






 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 



 















 






No comments: